منذ الإعلان عن تشكيل حكومة حسان دياب من دون تمثيل "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، توقع الكثيرون أن يعمد الحزب إلى منحها الثّقة انطلاقاً من الموقف السياسي، على قاعدة أنّ "القومي" جزء أساسي من قوى الثامن من آذار، وبالتالي لا يمكن أن يحجبها عن حكومة مؤلفة من هذا الفريق بالتحالف مع "​التيار الوطني الحر​"، إلا أن الحزب في موقفه النهائي أعلن عدم مشاركته في جلسة الثقة، وبالتالي حجبها عنها.

في البيان الصادر عن الحزب، تصويب على المسار الذي اعتمد لتشكيل الحكومة، الذي لم يراع، من وجهة نظره، قاعدة تشكيل حكومات الوفاق المعمول بها حسب الدستور، ما يعني أننا أمام تجاوز للدستور الذي يشير بالنص إلى "حكومة وفاق وطني" يعوَل عليها القيام بكل الخطوات لمعالجة الأزمات والانتقال بلبنان من حالة الانقسام الطائفي والمذهبي إلى رحاب الوحدة الوطنية، وتحصين الاستقرار والسلم الأهلي، عدا عن أنها يجب أن تكون حكومة القرار السياسي لأنها من يضع السياسات العامة للدولة.

حول هذا الموضوع، تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن "القومي" لم يكن قادراً على تجاوز "الفيتو" الذي وضع من قبل "التيار الوطني الحر" على الاسم الذي زكّاه لدخول الحكومة، أي نقيبة المحامين السابقة آمال حداد، لا سيما بعد أن عمدت قيادة التيار إلى محاولة استبدال الاسم بأخرى هو قريب من الحزب، أي أيمن حداد، وكأن المطلوب القول أن هناك من يسمي عن "القومي"، الأمر الذي قرّر عدم السكوت عنه، وبالتالي الذهاب بعيداً في الموقف من الحكومة.

بالنسبة إلى هذه المصادر، القضية لا تتوقف عند مسألة تشكيل حكومة دياب بل تعود إلى تاريخ الانتخابات النيابية السابقة، عندما سعى "الوطني الحر" إلى التصويب على جميع المقاعد التي يرشح عنها "القومي" ممثلين له، من المقعد الإنجيلي في بيروت الثانية إلى المقعد الكاثوليكي في البقاع الشمالي وصولاً إلى المقعد الأرثوذكسي في مرجعيون حاصبيا، من دون تجاهل الطريقة التي تم التعامل فيها مع تشكيل اللائحة التي تشاركا فيها بالمتن الشمالي، أو مصير مساعي التوافق في عكار.

من هذا المنطلق، تشير المصادر نفسها إلى أن "القومي" يعتبر أن هناك محاولات استهداف من قبل "الوطني الحر" له، حيث كان يعتبر الأخير أن تموضع الحزب في قوى الثامن من آذار سيحول دون ذهابه إلى موقف عالي السقف، وبالتالي كان من ضمن القوى التي تتوقع أن يذهب إلى منح الحكومة الجديدة الثقة، لا إلى حجبها عنها والتصويب عليها، إلا أن ذلك لا يعني أن الرسالة هي لباقي الحلفاء، لا سيما من هم داخل قوى الثامن من آذار.

حول هذا الموضوع، تكشف المصادر المطلعة أن بعض حلفاء "القومي" كانوا في أجواء هذا الخيار، حيث تم الإيحاء به خلال لقاء سابق مع نائب أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، كما أن الحزب لم يكن قد قدم أي وعد بالذهاب إلى منح الثقة لحكومة دياب، بالرغم من أن كتلته كانت من ضمن الكتل التي ذهبت إلى تسميته في الاستشارات النيابية الملزمة، ولاحقاً لم تضع العراقيل في مسار التأليف بل زكّت اسما كان هو من طرحه في البداية، وبالتالي قدّمت كل التسهيلات اللازمة على هذا الصعيد.

في المحصّلة، تجزم هذه المصادر أن الحزب لن يكون في الموقع السلبي من الحكومة، بل على العكس من ذلك هو يتمنى النجاح لها، خصوصاً أنها تضمّ من وصفهم في بيانه الرسمي بأنهم "حلفاء مصير ورفاق درب على طريق المقاومة، نخوض معاً معركة الدفاع عن خيارات لبنان وثوابته ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي"، لكنه لن يتوانى عن إعلان مواقفه بشكل واضح، كما فعل في ما يتعلق بالبيان الوزاري حيث سجل بعض الملاحظات.