أمس توفّي أول مريض بـ"​الكورونا​" في ​لبنان​، الأمر الذي لم يكن ضروريا لنعلم حجم الخطر، وطريقة التعاطي به، ولكنه قد حصل، على أمل ألاّ يتكرر، بل يكون عبرة لكل من يستهتر بسبل المواجهة، التي شدّدنا مرارا وتكرارا بأنها لن تنجح الا بتعاون السلطات الصحّية مع ​المجتمع اللبناني​، كله.

تحدّثنا في مقالنا الأخير عن العزل المنزلي وأهميّته، وضرورة التوجّه نحو إجراءات جديدة تواكب المرحلة الثالثة للحرب على "الكورونا"، والتي انطلقت بعد انتشاره وفشل مرحلة احتوائه، وفي هذه المرحلة يجب التشديد على أهمّية منع التجمّعات بمختلف أنواعها.

واكبت ​وزارة السياحة​ هذه المرحلة عبر تعميم ثانٍ صدر منذ 48 ساعة يمنع المؤسسات السّياحية إقامة أيّ حفلات أو برامج فنيّة بفئاتها كافة وعلى مختلف أنواعها، على أن يقتصر السماح للمطاعم والمقاهي بالإبقاء على عملها شرط ألاّ تقوم بأي حفلات أو مناسبات فنّية وموسيقية، وهذا التعميم بحسب مصادر وزارة السياحة ليس لمعاقبة أحد بل لأجل ​السلامة العامة​، وعلى هذا الأساس يجب أن يُنظر إليه، مشددة على أنّه من المعيب أن نحتاج الى "القوّة" لتطبيق تعميم كهذا هدفه منع انتشار المرض، داعية الجميع الى التعامل بمسؤولية مع هذه الظروف.

"لكلّ مرحلة متطلّباتها"، تقول المصادر في وزارة السياحة، مشيرة الى أنّها لا تفرض علينا إقفال مؤسسات ​المطاعم​، لأن إجراء كهذا سيؤدي لتضررها ومن يعمل فيها بشكل كبير جدا في هذه المرحلة الاقتصادية التي نعيشها، وربما يؤدّي ذلك الى إقفال نهائي لعدد كبير منها، مشددة على أننا نتمنى ألاّ نصل الى مرحلة نصبح فيها ملزمين باتخاذ قرارات قاسية على هذا الصعيد، علمًا أننا بحال وصلنا الى هذه المرحلة الخطرة من انتشار وباء "الكورونا" فقد يكون الإقفال خيار أصحاب هذه المؤسسات بلا طلب من أحد.

لا يعني ذلك أن الوزارة ستتردد باتخاذ هذا القرار متى دعت الحاجة، مع التشديد على دور اللجنة الوطنية لمكافحة فايروس "الكورونا" أيضا. ليست وزارة السياحة من فرضت إجراءات المواجهة وحدها، فكما تحركت الوزارات، تحركت البلديّات، وتحركّ اطراف ​المجتمع المدني​ ككلّ، كالمؤسسات الخاصة والشركات، اذ علمت "​النشرة​" أن بلدية فرن الشباك-عين الرمانة مثلا أصدرت تعميما لجميع الأندية الرياضيّة للالتزام بعدّة إجراءات لمواجهة انتشار فايروس "كورونا" وهي التقيد بلباس قفازات واقية للرياضة، وضع معقّمات لليدين على كل مقعد، التقيّد بشروط النظافة، وحمل منشفة صغيرة لمسح وتعقيم كل ما تلمسه الأيادي قبل البدء باللعب وبعده، مشيرة الى أن عدم تطبيق تلك الشروط يعرض النادي للاقفال وعلى المسؤول فيه فرض تطبيق تلك الشروط على المشتركين. وفي هذا السياق تشير معلومات "النشرة" الى أن طلب إقفال النوادي الرياضيّة بات قريبا جدّا، لان إجراءات ​الوقاية​ لن تكون مضمونة في أماكن كهذه.

وفي هذا السياق تشير مصادر البلديّة أن ​الشرطة​ بصدد السهر على تنفيذ هذا التعميم، عبر دوريّات تُجرى على ​النوادي الرياضية​، مؤكّدة أنه سيتم التشدد بمعاقبة المخالفين، داعية المواطنين لتقييم الأوضاع بأنفسهم بشأن التوجه لها أم لا.

كذلك كان للشركات الخاصّة دورها ومساهمتها، اذ أعلنت شركة Terranet أنها منحت 50 جيغا إضافية مجانًا لكل مشتركي خدمة ADSL طيلة شهر آذار الحالي، حيث أكد رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة تيرانت حسين زبيب في حديث لـ"النشرة" "أننا قدّمنا هذا الاقتراح حفاظًا على صحة المواطنين وعلى سلامة بلدنا"، مشيراً إلى أن "الهدف من هذه الخطوة التشجيع على الالتزام بالتوصيات الطبّية والبقاء في المنزل لضمان سلامتهم".

لا يمكن تخطّي المرحلة الصعبة الا بتضافر جهود الجميع، في ​الدولة​ والمجتمع.