مشكلة ال​لبنان​يين العالقين في دول ​العالم​ والمصرّين على العودة الى لبنان في أسرع وقت ممكن هرباً من إرتكابات وباء كورونا اليومية، ليست مرتبطة فقط بقرار تتخذه ​الحكومة اللبنانية​ بإعادتهم ولا بفتح ​مطار بيروت​ أمام طائرات ​الميدل إيست​ التي ستقلهم من حيث هم الى لبنان، مشكلة هؤلاء الحقيقية والأصعب، لها أسباب عدة بحسب مصادر وزارية متابعة، والسبب الأول والأصعب، هو بعدم توافر فحوصات PCR الخاصة ب​فيروس كورونا​ في أكثرية الدول التي يتواجد فيها ​اللبنانيون​ كي لا نقول في كل هذه الدول، وذلك نظراً الى الطلب العالمي المتزايد عليها، وبما أنها غير متوافرة، لا يمكن للحكومة اللبنانية أن ترسل ​طائرة​ الى ​إيطاليا​ مثلاً لنقل ٢٤٤ راكباً لم يخضعوا في ​المطار​ الإيطالي للفحص يؤكد عدم إصابة أي منهم، لأن مصاباً واحداً على متن الطائرة قد يحوّل الطائرة الى ​قنبلة​ بشرية موبوءة، وهنا تطرح مصادر طبية بارزة السؤال، "هل يتخيّل أحدٌ مثلاً أن يصل الى لبنان في هذا الظرف الدقيق مصابون بالمئات دفعةً واحدة؟ ماذا سيحصل بالطواقم الطبية والإستشفائية؟ وهل ستصمد ​المستشفيات​ غير الجاهزة راهناً أمام كارثة كهذه؟ ألم يلاحظ اللبنانيون بعد أن السبب الأساسي لنجاح خطة الحكومة حتى اللحظة هو تأخير سرعة إنتشار الفيروس كي تبقى المستشفيات قادرةً على مواكبة إستقبال أعداد المرضى؟.

لكل ما تقدّم لن تعيد الحكومة لبنانياً واحداً مصاباً بكورونا الى لبنان والسبب هنا واضح، نحن نسير طبياً في حقل من ​الألغام​ وأي خطوة متعثرة أو خاطئة قد تفجّر الوضع كلياً وعندها يصبح وضع لبنان مماثلاً لما وصلت اليه الأمور في إيطاليا لا سمح الله.

سبب إضافي يجعل الحكومة أكثر من متريثة وحذرة قبل أن تبدأ بخطوة إعادة اللبنانيين الراغبين جوّاً الى وطنهم، ألا وهو الإجراءات التي يجب إتخاذها قبل إقلاع أي طائرة، لعدم إصابة أي من الركاب، وهنا ستكون المسؤولية الأكبر على السفارات و​البعثات الدبلوماسية​، كيف وما المقصود؟ تجيب مصادر دبلوماسية متابعة، إن عدداً كبيراً من اللبنانيين الراغبين بالعودة، يحتاجون الى رحلة داخلية في البلد الذي يعيشون فيه قبل وصولهم الى المطار الذي ستقلهم منه الطائرة، وهي الرحلة الداخلية، وقد تكون أيضاً عبر الطائرة، او عبر التاكسي على إعتبار أن ​الاكثرية​ الساحقة من محطات المترو أقفلت في العواصم الأوروبية بسبب قرارات منع التجول والتعبئة العامة، وحتى إذا كانت عبر التاكسي، فهي تحتاج الى إذن من سلطات ​الدولة​ المعنية، لذلك يجب إتخاذ أعلى درجات الحذر و​الوقاية​ كي لا يصاب راكب وهو في طريقه من مكان سكنه الى المطار الذي سيطير منه الى لبنان بعد خضوعه لفحص كورونا. كل هذه الإجراءات المعقّدة والدقيقة، يجب أخذها بعين الإعتبار، هذا فضلاً عن مسألة تكرار فحص كورونا للقادمين بعد أيام من وصولهم الى لبنان، وتأمين مراكز للحجر الصحي الإجباري لهم مع رقابة مشددة عليها من قبل وزارتي ​الصحة​ والداخلية ومن يتبين منهم أنه مصاب ويحتاج الى ​مستشفى​ لا بد من تأمين سرير له.

كل هذه الإجراءات تدرسها الحكومة لإتخاذ قرارها النهائي بعد ١٢ نيسان المقبل، والى حين إتخاذه، علمت "​النشرة​" أن ​وزارة الخارجية والمغتربين​ أقنعت ​المصارف​ في خطوة أولى برفع سقف تحويل الاموال من المقتدرين اللبنانيين لأبنائهم في الخارج وقد تم تشكيل لجنة خاصة لمتابعة تنفيذ هذا الامر خلال ثلاثة ايام.

إذاً ليس بالأمر السهل أن تعيد الحكومة رعاياها في زمن تنهار فيه أعظم دول العالم أمام إجتياح ومجازر كورونا. المسألة تحتاج الى دراسة طبية صحية وقائية، لا الى مزايدات شعبوية وسياسية قد تودي بلبنان الى الإنهيار والتحوّل الى بلد موبوء بالكامل.