قبل نحو شهر من اليوم، وجه نقيب المهندسين في بيروت ​جاد تابت​، عبر وزير الأشغال العامة والنقل ​ميشال نجار​، مجموعة من الأسئلة إلى هيئة التشريع والإستشارات في ​وزارة العدل​، بعد تأجيل المرحلة الأولى للإنتخابات النقابية التي تنص عليها قوانين وأنظمة النقابة بسبب المخاوف المتأتيّة عن إنتشار ​فيروس كورونا​ على الأراضي اللبنانية.

بالنسبة إلى أهم الأسئلة المطروحة، كانت: هل يمكن أن يجتمع أعضاء هيئة المندوبين الذين لم تنته ولايتهم لإقرار قطع الحساب والموازنة، خصوصاً أن عدد الأعضاء المتبقين يشكلون أكثر من نصف الأعضاء الذين تتألف منهم قانوناً هيئة المندوبين؟ على أن أي أساس يفترض بالنقابة أن تجبي الرسوم وتصرف النفقات إن حال تأجيل الإنتخابات والإجتماعات من إقرار الموازنة الجديدة؟ هل تعتبر الترشيحات لكافة مراكز مجلس النقابة مكتملة لتاريخه وماذا يحل بها في حال لم تتمكن النقابة من إجراء الإنتخابات في المهل القانونية، بعد أن تمّ تقديم ترشيحات المرحلة الأولى من الإنتخابات وتم ّإقرارها في مجلس النقابة كما أن مهلة ترشيحات النقيب وأعضاء المجلس تنتهي قانوناً في 15-3-2020؟.

الأهم من الأسئلة المذكورة أعلاه، هو تلك التي تتعلق بمن يدير النقابة بعد إنتهاء ولاية النقيب و5 أعضاء من مجلس النقابة الذي يتألف من 15 عضواً ونقيباً؟ وأي نصاب جلسات سيعتمد في حال بقاء 5 مراكز خالية من أصل 15 في مجلس النقابة؟ ومن سيقوم مقام النقيب المنتهية ولايته؟.

في هذا الإطار، توضح مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن هذه الأسئلة كانت محل أخذ ورد على مدى الأيام الماضية، لا سيما بعد أن تم التمديد لمركز النقيب والأعضاء، والأمر نفسه كان من المتوقع أن يمتد إلى ​نقابة المهندسين​ في الشمال، إلا أن رأي هيئة التشريع والإستشارات كان حاسماً، لناحية عدم جواز ذلك، وهو الأمر نفسه الذي كان قد أكد عليه محامي النقابة في الشمال محمد نديم الجسر، رداً على إستفسار نقيب المهندسين في الشمال ​بسام زيادة​.

وكشفت هذه المصادر أن الهيئة اعتبرت أن بإمكان هيئة المندوبين، ولو كانت صفتها التمثيلية القانونية منقوصة، طالما أن الأعضاء المتبقين منها يتوفر فيهم شرطي النصاب والتصويت أن تجتمع لإقرار قطع الحساب والموازنة حتى لا يتعطل عمل النقابة، أما بالنسبة إلى الترشيحات فرأت أن النقابة أمام خيارين: إجراء الإنتخابات بالإستناد إلى الترشيحات التي أقرها المجلس بعد تحديد موعد جديد للإنتخابات، إذا كان لديها النقابة الإمكانيات للقيام بهذه العملية دون مخالفة مرسوم التعبئة العامة، أما بحال لم تتمكن من ذلك لا مفر من إنتظار صدور قانون تعليق المهل.

وأشارت الهيئة، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، إلى أن مجلس النقابة بإعضائه غير المنتهية ولايتهم هم من يقوم بإدارة شؤون النقابة، وتكون صلاحياتهم في هذه الفترة محصورة بتصريف الأعمال الإدارية العادية والطارئة والملحة، التي تدخل أساساً في صلاحيات مجلسها، وطبعاً إتخاذ كافة الإجراءات الآيلة إلى تأمين عملية الإنتخاب، أما بالنسبة إلى النصاب، فاعتبرت أن بقاء 10 أعضاء في مجلس النقابة غير منتهية ولايتهم من شأنه أن يؤمن النصاب القانوني للجلسات، في حين لفتت إلى أن المادة 40 من قانون تنظيم مهنة الهندسة، أوضحت أن من يحل محل النقيب هو نائب النقيب، أما إذا شغر مركز النقيب ومركز نائب النقيب معاً يتولى أمين السر تصريف الأعمال إلى أن ينتخب نقيب جديد.

من وجهة نظر المصادر المطلعة نفسها، هذه الإٍستشارة، التي جاءت بناء على طلب نقيب المهندسين في بيروت، من المفترض أن تفرض واقعاً جديداً في النقابة، لكنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان تابت سيلتزم بها، بعد أن كان يستند إلى فتوى قانونية تطيح التمديد، خصوصاً أن رأي الهيئة غير ملزم، ولا تخفي صراعاً سياسياً حول هذا الموضوع، بين ​المجتمع المدني​ وبعض قوى الرابع عشر من آذار، خصوصاً تيار "المستقبل"، و"​التيار الوطني الحر​" و​قوى 8 آذار​، مع العلم أن التيار هو من يتصدى لهذه المواجهة بشكل أساسي.

وفي حين دعا قطاع المهن في التيار، أمس، تابت، إلى "الامتثال لرأي هيئة التشريع والاستشارات الواضح وضوح الشمس وغير القابل للتأويل"، ونقيبي المحامين في بيروت والشمال إلى "الانكباب على خدمة المحامين في هذه الظروف الاستثنائية والسهر على ادارة نقابتيهما وعدم زجهما في شؤون نقابات اخرى"، استغرب تابت، في حديث لـ"النشرة"، تعميم هذا الرأي على مواقع التواصل الإجتماعي قبل أن يصل إليه، ووصف الأمر بـ"المعيب"، وشدد على أن رأي الهيئة هو إستشاري وهو لديه رأي محامي النقابة ونقيب المحامين ​ملحم خلف​ الذين سيدرسونه ويقدمون رأيهم والتوصيات.ويؤكد تابت وجود خلفيات سياسية حول السجال القائم تتخطى النقابة، ويشير إلى أن الصراع السياسي، على ما يبدو، هو مع "التيار الوطني الحر"، نظراً إلى أنه في مجلس النقابة كل الأعضاء وافقوا على عدم وجود أي حل آخر إلا الإستمرار بالمهام في ظل الأوضاع الراهنة وعدم القدرة على تنظيم الإنتخابات، باستثناء عضوين من التيار كان لديهما موقفاً مختلفاً.

ويلفت تابت إلى التنسيق مع نقابة المهندسين في ​طرابلس​، ويذكر بأن الموقف الصادر عن نقيبي المحامين في بيروت وطرابلس هو نفسه، لناحية عدم وجود حل آخر إلا الإستمرار في ظل الظروف القاهرة كما حصل خلال مرحلة الحرب، ويشير إلى أن هذه المشكلة تشمل أكثر من نقابة، حيث أن نقابة المحاسبين قررت الإستمرار، ولاحقاً سيأتي دور نقابة الأطباء، ويضيف: "هذا الموضوع يتعلق بكل النقابات وننتظر صدور قانون تعليق المهل عن مجلس النواب".