لا يزال ​لبنان​ ضمن مرحلة التعبئة العامة المتخذة لمواجهة ​فيروس كورونا​، ​المطار​ لا يزال مقفلاً، والحدود البرية مع ​سوريا​ من ناحيتي ​الشمال​ و​البقاع​ مقفلة أيضاً، لكن المعابر الحدودية غير الشرعية يبدو أنها مشرعة على مصراعيها. فقد لا يمر يوم من دون أن تضبط فيه ​الأجهزة الأمنية​ شاحنات محملة بالسلع المهربة ومن أهم الماركات العالمية، تدخل لبنان آتية من سوريا عبر الطرق الترابية التي يعمل عليها مهربون لبنانيون وسوريون، ويقول مصدر أمني بارز، "أحياناً يتم التهريب بالتواطؤ مع أمنيين يخدمون على الحدود".

فخلال فترة التعبئة العامة، ضبطت مديرية ​الجمارك​ عشرات ​الشاحنات​ المحملة بالدخان المهرب من ماركات عالمية، وفي أكثر من منطقة لبنانية، وتبين بعد الكشف عليها والتحقيق مع سائقيها، أنها دخلت لبنان عبر معبر غير شرعي، كذلك تشير المعلومات الى أن عمليات التهريب تضمنت كميات كبيرة من التنباك المصنوع في المعامل و​المصانع​ السورية. ولأن الزمن هو زمن كورونا، والطلب في الاسواق إرتفع في الآونة الأخيرة على جميع أنواع المعقّمات ومادة السبيرتو، تبين من خلال المضبوطات أن المهربين وضعوا على سلم اولياتهم في هذه المرحلة تهريب المعقمات غير المطابقة للمواصفات، وهنا يشرح مصدر أمني، "أحياناً يهربون المعقمات المضروبة ويبيعونها في الأسواق اللبنانية تارةً بأسماء لماركات سورية وتارةً أخرى بماركات عالمية، وبين الحين والآخر قد نعثر بين المضبوطات على معقمات لا تحمل على عبواتها أسماء لأيّ ماركة ومن دون تواريخ للصلاحية، وهذا ما ظهر جلياً في العمليات التي ضبطتها الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة"، ويضيف، "من الأساليب التي يعتمدها المهربون أيضاً، هو تهريب بعض المواد التي يستعملونها بصناعة المعقمات غير المطابقة للمواصفات الى الأراضي اللبنانية، وتوزيعها على مصانع غير قانونية تعمل على تركيبها وتوضيبها وإعادة بيعها في السوق اللبناني، وهنا نتحدث عن تزوير أسماء أهم الماركات، ومن أبرز هذه المصانع التي كشف أمرها، مصنع ضخم في صيدا ومصنع في صور ومصنع في البقاع".

تخيلوا مثلاً أن مديرية الجمارك دهمت في الأسابيع القليلة الماضية مستودعات عدة في ​بيروت​ و​جبل لبنان​، تحوي على كميات كبيرة من السبيرتو المغشوش، وعند فحصها والكشف عليها، تبين أن الرائحة التي تنبعث منها هي رائحة السبيرتو الحقيقي، ولكن عندما يعمد الضابط المسؤول الى إشعالها، يتأكد أنها غير قابلة للإشتعال كما هو الحال مع مادة السبيرتو السريعة الإشتعال.

أسوأ ما في هذا المشهد، هي الخطابات السياسية الطنانة والرنانة التي تتحدث عن ​مكافحة الفساد​، ووعود بعض الوزراء السابقين بإقفال المعابر غير الشرعية ووقف التهريب والتي لم تطبق فعلياً على الأرض، كل ذلك ولبنان أصبح دولة مفلسة بسبب الفساد والسياسات ​المال​ية الخاطئة والتهرب الضريبي والتوظيف غير الشرعي وهدر المال العام، ومن دون أن ننسى حجم الخسائر الإقتصادية التي يتكبدها السوق اللبناني والصناعة من جراء هذا التهريب، و​الدولة​ تتفرج.