أشار المفتي الجعفري الممتاز سماحة ​الشيخ أحمد قبلان​ في رسالة الجمعة إلى قول الله سبحانه وتعالى "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" حيث قرن سبحانه وتعالى عظمة شهره وواسع رحمته بضرورة العودة إليه وإعلان الانتساب لمشروعه، وذلك تأكيداً منه للحق، ومنعاً للباطل، وتعزيزاً لمبدأ الإصلاح في كل ​الميادين​، الخاص والعام، الفردي الاجتماعي الفكري السياسي الوظيفي أو التربوي، لأن الانتساب لله سبحانه وتعالى يعني الانحياز للحق، بكل عناوينه وفي كل ساحاته، وخاصة إصلاح الذات الفردية، لأنها نواة الشعب والأمّة، وهو نفسه ما أكّده الله سبحانه وتعالى بالكيانات والأطر السياسية والاجتماعية والحكومية والأهلية، خاصة بيئة مجتمعنا وناسنا ومشروع ​الدولة​، لأن أي فشل في إصلاح فردنا يعني هو خسارة لمشروع الدولة، وتمزيقاً للشعب، والتلاعب بمشاعره وولاءاته المختلفة. وللأسف هو ما نعاني منه بشدة منذ عقود طويلة.

وأكّد سماحته أن "شهر الله هو شهر ​الصيام​ والقيام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والانحياز للحق، ومخاصمة الباطل، نؤكّد ضرورة حماية الفرد ومشروع إصلاحه، عبر إصلاح ​السلطة​ وحمايتها، ومنه ضرورة إقرار المحكمة المالية، وكل الهيئات التي تضمن حماية الدولة، ممن يحكم باسمها، لأن ما نعيشه من كارثة سقوط الدولة إنما سببه فساد هيكل السلطة، والمادة الدستورية لها، فضلاً عن فساد عقلية مؤسساتها العامة ومؤسساتها الرقابية ما حوّل السلطة إلى دكتاتورية يتم تقاسمها بطريقة مخزية على حساب حقوق الشعب ووظيفة الدولة".

وبالنسبة للموضوع الحكومي اعتبر سماحته "أننا ما زلنا ننظر بموقف هادئ تجاه هذه ​الحكومة​، ولكننا نرفع الصوت بشدة بسبب استهتارها المرّ بخصوص أزمة الناس وجوعهم ووجعهم، فإن السكوت عمّا يصيب الناس من بلاءات وأزمات ولعبة تجار وتسيّب حكومي، فضلاً عن الإهمال الأخطر في إدارة مرافق الدولة العامة هو بمثابة خيانة وطنية، ما يعني أننا ما زلنا نعيش نفس نتائج الكارثة السياسية السابقة، إلا أننا نتريّث بالحكم على هذه الحكومة، لأنها إلى حدّ ما هي ضحية سياسات من أفسد وحكم، ونهب في ما سبق".

وأشار المفتي قبلان إلى أن "مطلبنا الرئيسي اليوم وغداً، ضرورة إنقاذ الدولة، وهو أولوية العمل الحكومي والبرلماني، وإلا فإننا أمام خطر وجودي لمشروع ما نسميه الدولة الوطنية، خاصة أن ​العالم​ يعيش لحظة تشتت وتبدد وسقوط مروّع أمام فايروس ​كورونا​، وسط انهيارات ضخمة مالية واقتصادية ونقدية تجتاح العالم".

وختم سماحته قائلاً:"في شهر الله، أقول لكم: أنقذوا عباد الله، أنقذوهم من الجوع والبؤس والعتمة و​النفايات​ والجريمة والذئاب من التجار وانهيار أسعار صرف ​الليرة​، واجتياح الجوع والغلاء و​تسونامي​ الاحتكار و​المصارف​، أنقذوهم عبر الأولويات الشعبية وليس السلطوية، أنقذوهم عبر إنقاذ دور السلطة شبه المعدوم لأن الوضع لم يعد يحتمل وقد أعذر من أنذر".