عندما تغرّد وزيرة العدل ​ماري كلود نجم​ عشية جلسة ​مجلس الوزراء​ المنتظرة اليوم، متحدثة عن ثمانية تدابير آنية وفورية من صلب التشريعات القائمة تقدمت بها ل​مكافحة الفساد​ وإستعادة الأموال المتأتّية منه واعدةً بأنها ستكون أمام مجلس الوزراء للبت بها، يعني ذلك أنّها وجدت الأطر القانونية التي ستتم على أساسها التحقيقات بالحسابات التي حوّلت منها أموال الى الخارج، وكيف سيفرض على البعض من أصحاب هذه التحويلات التي حصلت بعد ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ إسترداد الأموال المحوّلة. لماذا إستعمال عبارة الوزيرة وجدت الأطر القانونية؟ تجيب المصادر المتابعة لأن مجلس الوزراء قرّر في جلسته الماضية التي عقدت في الرابع والعشرين من نيسان الجاري، وتحت عنوان تدابير لمكافحة الفساد وإستعادة ​الأموال المنهوبة​، إجراء تحقيقات لتحديد الحسابات التي إجريت منها ​تحويلات مالية​ وإتخاذ إجراءات بحقّ أصحابها، إضافة الى مشروع قانون معجل يتعلّق بإسترداد تحاويل الى الخارج جرت بعد ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، كما قرّر أيضاً إتخاذ تدابير فوريّة لمكافحة الفساد وإستعادة الأموال المنهوبة، كل ذلك من دون أن ينهي نقاشه حول هذه الاجراءات، ومن دون أن يتوصل الى صيغة نهائية لنصوصها خصوصاً تلك المتعلقة بإسترداد بعض التحاويل، وكيف تسترد هذه التحاويل التي يسمح بها القانون إذا لم تكن هناك من حجج وإجتهادات قانونية تسمح بذلك. وفي هذا السياق، يقول مصدر وزاري، "لأننا لم ننهِ النقاش المتعلق بهذه النصوص، وافقنا مبدئياً عليها في الجلسة السابقة وارفقنا موافقتنا بعبارة، على ان يصار الى إقرار نصوصها وصيغتها النهائية في الإجتماع المقبل للحكومة، وقد كلفت وزيرة العدل بإعداد النصوص القانونية المطلوبة لمناقشتها في جلسة اليوم".

في القانون يحق للمودعين أن يحوّلوا أموالهم، لذلك بحثت الوزيرة نجم عن المواد والإجتهادات القانونية التي تسمح إنطلاقاً من قوانين العقوبات وسريّة ​المصارف​ ومكافحة تبييض الأموال، بملاحقة على سبيل المثال لا الحصر، من حوّل مبالغ كبيرة الى الخارج من أصحاب المصارف أو المساهمين فيها أو من السياسيين والمسؤولين.

وعلى سبيل المثال أيضاً، يقول المتابعون إن التحقيقات ستركز أيضاً على الأشخاص الذين حوّلوا أموالاً الى الخارج خلال الفترة التي أجبرت فيها المصارف على الإقفال بين ١٩ تشرين الأول و٤ تشرين الثاني بسبب التظاهرات و​قطع الطرقات​، وهنا يسأل المتابعون، كيف لم يتكمن مودعون من سحب أموالهم في تلك الفترة بسبب الإقفال، وحوّل مودعون آخرون مبالغ بملايين الدولارات الى الخارج؟. كيف سمحت لهم إدارات المصارف وهل هناك من تواطؤ بين المصرف والمودع؟.

من البنود التي ستسغرق نقاشاً مطوّلاً في جلسة اليوم، هو مشروع القانون المعجّل الذي يتحدّث عن إسترداد تحاويل الى الخارج جرت بعد ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩، وهنا تسأل المصادر القانونيّة، كيف ستفرض الحكومة على مودع إسترداد أموال حولها الى الخارج إستناداً الى القوانين المرعية الإجراء؟.

إذاً الحكومة أمام إمتحان قانوني لن يكون سهلاً. إمتحان النجاح فيه سيشفي غليل شريحة واسعة من اللبنانيين خسرت أموالها في المصارف بسبب الإنهيار الحاصل، أما السقوط فيه، فيقطع ذرة الأمل التي لا تزال موجودة عند قلة قليلة من اللبنانيين بمحاسبة الفاسدين وإستراداد الأموال المنهوبة والمهربة، وبإعادة حد أدنى من الإستقرار المالي الذي يحتاجه المواطن للشعور بالطمأنينة المفقودة راهناً.