ركّزت شخصيّة بارزة في "​8 آذار​"، لصحيفة "الجمهورية"، على أنّ "الفريق السياسي الّذي يغطّي ​الحكومة​ سيتحمّل تلقائيًّا مسؤوليّة إقالة حاكم "مصرف ​لبنان​" ​رياض سلامة​ وتبعاتها، "فهل هو جاهز للإقدام على مثل هذه الخطوة واحتواء تردّداتها، خصوصًا الماليّة منها، مع توقّع حصول قفزات هائلة في ​سعر الدولار​ لو تمّت الإقالة بطريقة عشوائيّة؟".

وأكّدت أنّ "في التأنّي سلامة"، متسائلةً: "هل هناك من يَضمن السيطرة على سعر الصرف و​الوضع الاقتصادي​ إذا تقرّر بين ليلة وضحاها التخلّص من سلامة قبل تأمين الأرضيّة المناسبة لاتخاذ قرار مفصلي من هذا النوع؟"، لافتةً إلى أنّ شريحة من اللبنانيّين ربّما ستصفّق لفريقنا في حال أزاح سلامة المكروه شعبيًّا، ولكن سرعان ما ستتبدّل الصورة لاحقًا، لأنّ ما بعده سيكون على الأرجح أسوأ بكثير ممّا قبله، ماليًّا واقتصاديًّا، وعندها سيظهر سلامة بمظهر الضحيّة الّتي دفعت ثمن الانتقام السياسي، وليس الفاشل الّذي يجب أن يدفع ثمن مساهمته في إنتاج الأزمة والوصول إلى حدّ الانهيار".

وأوضحت الشخصيّة أنّ "سلامة في حدّ ذاته لا يعني لنا شيئًا و"مش فارقة معنا شو بيصير فيه كشخص"، غير أنّ ما يهمّنا هو الوضع الذي سيستجد بعد إقصائه، ومصير النظام المصرفي الّذي ينبغي ان نفصل بين ضرورة حمايته وبين وجوب محاسبة ​المصارف​ المتورّطة في ارتكابات ماليّة". وشدّدت على أنّ "المطلوب حصول أكبر توافق ممكن حول البديل عن سلامة قبل إقصائه"، متسائلةً عمّا إذا "كان يوجد في الوقت الحاضر أي تفاهم على هذا البديل، الّذي ينبغي أن يتحلّى بالنزاهة والكفاءة والشجاعة وبغطاء سياسي واسع، إلّا إذا كانت هناك جهة في السلطة تضمر نيّة بالاستحواذ على موقع حاكم "​مصرف لبنان​" واختيار اسم تابع لها لتولّيه؛ الأمر الّذي لا يمكن قبوله".

وبيّنت أنّ "من الضروري الأخذ في الحسبان، أنّ واقع الدولة حاليًّا ليس سوى كناية عن سلّة فارغة ومثقوبة، لو تسلّمها "سوبرمان" لن يستطيع أن يفعل شيئًا، ولذلك من الأفضل أن نعطي الأولويّة راهنًا للبحث في طريقة مجدية لمعالجة وضع السلّة ورسم السياسات الإنقاذيّة، بدل الاستغراق في وحول التجاذبات ولعبة تصفية الحسابات، بحيث يأتي أي تغيير لاحقًا لحاكم ​البنك المركزي​ ضمن خطّة متكاملة ومدروسة". وأشارت إلى أنّ "التجديد لولاية سلامة تمّ أصلًا تحت ظلال التسوية والتفاهم بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​"، مبديةً استغرابها "كيف أنّه كان آنذاك مقبولًا و"ما في متلو"، من ثمّ أصبح الآن مرفوضًا ومرتكبًا".

كما نبّهت أنّ "حاكم البنك المركزي يحتاج في نهاية المطاف إلى شرعيّة دوليّة، ولا مصلحة في أن يكون هناك أي نفور بينه وبين ​المجتمع الدولي​"، محذّرةً من أنّ "مبادرة حكومة مدعومة من "​حزب الله​" إلى إقالة سلامة، قد تتسبّب في تداعيات نحن في غنى عنها، وستعطي المتربّصين ب​المقاومة​ ذريعة لاتهامها بالتمدّد إلى النظام المالي اللبناني". وشدّدت على أنّ "بصراحة، المطلوب وجود حاكم لـ"مصرف لبنان" يستطيع التواصل مع الخارج واكتساب ثقته، ولا سيما في ظلّ تفاقم المأزق الاقتصادي - المالي، وبالتالي ليست هناك من مصلحة أو حكمة في إعطاء البعض فرصة للترويج بأنّ "مصرف لبنان" بات خاضعًا لنفوذ "حزب الله" وتأثيره، بمعزل عن أنّ هذا الاتهام غير صحيح عمليًّا".

وذكرت الشخصيّة أنّ "معركة ​مكافحة الفساد​ يجب أن تُخاض بأسلحة القانون والقضاء"، مؤكّدةً أنّه "ليس مقبولًا أن تتولّى لجنة برئاسة المدير العام ل​وزارة المالية​ آلان بيفاني، المقرّب من إحدى الجهات السياسية، محاسبة الوزراء والنواب". ورأت أنّ "ملف محاسبة الفاسدين ومحاكمتهم ينبغي أن يتصدّى له قضاة حياديّون وموثوقون، بعيدًا من الوسائل الإنقلابيّة والتعسفيّة، وإلّا فإنّنا نكون أمام حكومة عسكريّة مموّهة بالتكنوقراط".