بعد ساعات قليلة على الإعلان عن دعوة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ رؤساء ​الكتل النيابية​ إلى إجتماع يعقد في ​قصر بعبدا​ يوم الأربعاء المقبل، بهدف إطلاعهم على البرنامج الإصلاحي الذي اقره ​​مجلس الوزراء​​، والمتضمن سلسلة اجراءات لمعالجة الأوضاع الاقتصاديّة والماليّة في البلاد، بدأت التساؤلات حول موقف الكتل النيابية المعارضة، لا سيما أن بعضها يعتبر أن المشاركة، بعد إقرار الخطة، سيكون بمثابة دعم مباشر لها، الأمر الذي قد لا يناسبها في سياق المواجهة التي تخوضها مع العهد والحكومة معاً.

الدعوة وجهت إلى رؤساء الكتل النيابية: ​نجيب ميقاتي​​، ​سعد الحريري​، ​جبران باسيل​، ​وليد جنبلاط​، ​سليمان فرنجيه​، ​سمير جعجع​، ​محمد رعد​، ​سامي الجميل​، ​هاغوب بقرادونيان​، ​اسعد حردان​، ​طلال ارسلان​ و​فيصل كرامي​ عن ​اللقاء التشاوري​، وفي حين من الطبيعي أن تشارك الكتل التي تمثل الأكثرية، نظراً إلى أنها ممثلة على طاولة مجلس الوزراء، كانت كتلة "المستقبل"، من بين الكتل المعارضة، السباقة في إعلان إعتذارها، معتبرة أن المكان الطبيعي لإطلاع الكتل النيابية على البرنامج هو المجلس النيابي.

موقف "المستقبل" لا ينفصل عن موقفها من كل ما يجري في البلاد، لا سيما لناحية الصراع على الصلاحيات التي تتحدث عنه بشكل دائم، الأمر الذي دفعها إلى لفت الإنتباه إلى "ممارسات وفتاوى سياسية وقانونية تتجاوز حدود الدستور لتكرس مفهوم النظام الرئاسي على حساب النظام الديموقراطي البرلماني"، وهو ما دفع مكتب الإعلام في رئاسىة الجمهورية إلى الرد، مؤكداً أنها ليست المرة الاولى التي يدعو فيها الرئيس رؤساء الكتل النيابية إلى لقاء وطني في القصر الجمهوري للبحث في قضايا مهمة في الحياة الوطنية اللبنانية، مشيراً إلى أن كتلة "المستقبل"، التي تتحدث عن "تجاوز لحدود الدستور"، شاركت في اللقاءات الوطنية المماثلة التي كانت عقدت في قصر بعبدا.

فيما يتعلق بكتلة "الجمهورية القويّة"، ليس هناك من قرار نهائي، بحسب ما يؤكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" ​شارل جبور​ لـ"النشرة"، لكنه يشير إلى قرار مبدئي بالمشاركة، ويوضح أنه بعد تثبيت هذا القرار بشكل نهائي يأتي البحث في مستوى التمثيل.

ويوضح جبور أنّ الحزب يفصل بين العلاقة الثنائية المقطوعة مع العهد، والعلاقة داخل المؤسسات الدستورية التي يمارس دوره فيها، ويلفت إلى أن البحث هو في الجدوى من هذا اللقاء، خصوصاً أن الخطة أقرت في مجلس الوزراء، وبالتالي لو أنّ الدعوة وجهت قبل الإقرار كان البحث سيكون مختلفاً.

بالنسبة إلى كتلة "اللقاء الديمقراطي"، التوجه هو نحو المشاركة لكن ليس عبر رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب السابق وليد جنبلاط بل عبر ممثل عنه، إلا أن الموقف النهائي سوف يحدّد اليوم، بحسب ما تؤكّد مصادر معنيّة لـ"النشرة"، فالكتلة تعتبر أن ملاحظاتها معروفة في الإعلام، وهي في الأساس أعلنت منذ البداية أنها معارضة عاقلة وبناءة، وبالتالي تنظر إلى الأمور من منطق عدم كسر العلاقة مع المؤسسات الدستوريّة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو حول القدرة على تقديم ملاحظات في الإجتماع، نظراً إلى أنها ليست في وارد المشاركة من أجل "البصم" فقط، وترى أن منطق الشراكة كان يفترض عقد اللقاء قبل القيام بالإجراءات النهائية في مجلس الوزراء، وبالتالي يمكن وصف القرار بـ"الوسطي"، بين المقاطعة والمشاركة.

حتى الآن، ليس لدى كتلة "الكتائب" أيّ قرار حاسم على هذا الصعيد، نظراً إلى أن الموقف النهائي سيتخذ في إجتماع المكتب السياسي الذي يعقد اليوم، بحسب ما يؤكد عضو المكتب السياسي في الحزب ​سيرج داغر​ لـ"النشرة"، لكن هذا لا يلغي أن لدى الحزب ملاحظات على الدعوة: في الشكل والمضمون، حيث يرى أن المكان المناسب للنقاش، من وجهة نظره، هو المجلس النيابي لا رئاسة الجمهورية، كما أنّ من يهمّه رأي الآخرين من المفترض أن يسأل عنه قبل إقرار الخطة لا بعد ذلك.

من ضمن الكتل النيابية المعارضة، تبقى كتلة "الوسط المستقل" برئاسة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، حيث تكشف مصادر من الكتلة، عبر "النشرة"، أن الموقف النهائي من المفترض أن يتحدد اليوم أيضاً، حيث لا تزال المشاورات بين أعضاء الكتلة قائمة، وتأخذ بعين الإعتبار مختلف المعطيات، لكن المرجح هو المشاركة عبر النائب في الكتلة نقولا نحاس لا رئيسها ميقاتي.

في المحصّلة، من المفترض أن تحسم جميع الكتل النيابية المعارضة موقفها النهائي في الساعات المقبلة، الأمر الذي قد يكون له تداعيات كبيرة على مستوى علاقاتها مع رئاسة الجمهورية، فقرار المشاركة أو المقاطعة أو خفض مستوى التمثيل سيكون بمثابة رسالة سيّاسية أكثر مما هو موقف من الخطّة التي أقرّتها الحكومة، رغم أنها لا تفضّل وضع الأمور في هذا السياق.