لم يعد هناك لبناني واحد على مساحة الـ١٠٤٥٢ لا يعاني الأمرّين من إرتفاع أسعار السلع ولا سيما المواد الغذائية والإستهلاكية. الوضع لم يعد مقبولاً، والمشكلة ليست فقط بارتفاع سعر صرف الدولار، والدليل بالتفاوت الواضح في الأسعار بين ​سوبرماركت​ وآخر علماً أن سعر الصرف هو واحد على جميع التجّار، المشكلة أيضاً هي مشكلة فلتان وجشع لدى التجّار الذين يجب وضع حد لهم وبسرعة تفادياً للإنفجار الإجتماعي. ​وزارة الإقتصاد​ التي تسطّر يومياً مئات محاضر الضبط بحق المخالفين، طلبت نقل مراقبين من إدارة ومؤسسات أخرى لتدعيم الكادر البشري ل​مديرية حماية المستهلك​، وهنا تكشف معلومات "النشرة" أنها إستعانت أيضاً بضباط وعسكريين متقاعدين تطوعوا لمساعدة المديرية في عمليات الدهم التي تقوم بها. رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ تحدث في لقاء ​بعبدا​ عن ضرورة وضع حد لغلاء الأسعار، وكذلك فعل رئيس الحكومة ​حسان دياب​. وسط هذا المشهد، جاء من يقول لأصحاب السوبرماركت، "سأقفل محالكم إذا خالفتم" وفعلها، وهو نفسه الذي كسر سابقاً كارتيل أصحاب الأفران، عندما قال لهم وبقرار بلدي، "سأمنع دخول منتجاتكم الى نطاقي البلدي وسأحظّر بيعها إذا تجرأتم وتلاعبتم بسعر ووزن ربطة الخبز". هو رئيس بلديّة الغبيري ​معن خليل​ الذي أقفل بالشمع الأحمر تعاونية coop في الشياح بعدما إكتشف تخزينها حليب الأطفال لبيعه بسعر أعلى. وبما أن مسؤولاً رفيعاً في تيار سياسي هو شريك في مجموعة التعاونية المذكورة، بدأت الضغوط تنهال على البلدية من كل حدب وصوب، وهنا تشير المعلومات الى أن الإتجاه لدى أصحاب السوبرماركت هو لكسر قرار ​بلدية الغبيري​ ولإعادة فتح السوبرماركت ونزع إختام الشمع الأحمر وذلك في تحدٍّ واضح وفاضح للسلطة المحلية. "إذا حصل فتح السوبرماركت بالقوة، القوة ستواجه بالقوة أيضاً لأن معن خليل مش مقطوع من شجرة" تقول المصادر المتابعة، وبالتالي على ​وزارة الداخلية والبلديات​ التدخل وبسرعة لمنع هذا الإنزلاق. لماذا يجب على الداخلية أن تتدخل؟

الجواب، لأنها السلطة المعنية بشؤون البلديات، ولأن حفظ الأمن وهيبة المؤسسات يأتي في صلب صلاحياتها، ولأنّ أصحاب السوبرماركت، لما تجرأوا على التهديد بإعادة فتحها ولو بالقوّة، لو لم يصدر محافظ جبل لبنان ​محمد مكاوي​ تعميمه الشهير الذي طلب فيه من البلديات، "التشدّد في مراقبة الاتّجار بالمواد الغذائية وتسعيرها وتنظيم محضر بأيّ مخالفة دون اي إجراء تنفيذي آخر، وايداعه المحضر لاتخاذ الإجراءات القانونية التي تتناسب مع طبيعة المخالفة وحجمها". بعبارة "دون أي إجراء تنفيذي آخر" تكمن المشكلة، وتفسيرها، راقبوا الأسعار وسطّروا ​محاضر ضبط​ بحق المخالفين، ولكن ممنوع عليكم أن تقفلوا أي مؤسسة! فكيف تضع البلديات حدّاً لفلتان الأسعار إذا لم يرَ التاجر قراراً موجعاً صدر بحق تاجر آخر؟ وكيف يطلب من البلديات المشاركة بقرار التعبئة العامة وما يستتبعه من قرارات حياتية وإجتماعية تحمي المواطن، ويأتي محافظ ويقيّد تحركها المحمي أصلاً بقانون البلديات مع ما يطرح من علامات إستفهام سياسية حول تعميمه؟.

في السابق كانت الأصوات ترتفع ضد تعسّف رئيس بلدية مدعوم بحق المواطنين، واليوم جاء بين رؤساء البلديات من قرّر الوقوف الى جانب شعبه، فهل نضع حدّاً له بتعميم محافظ أم نشجع جميع رؤساء البلديات على الإمتثال به والقيام بما يقوم به رأفة بالشعب؟

ما يحصل في الغبيري هو صرخة بوجه وزير الداخلية ​محمد فهمي​ الذي يجب أن يتدخل وبسرعة حماية للقانون والإنسان، وحفاظاً على هيبة البلدية وبلديات لبنان، ومنعاً لأيّ مواجهة لا تحمد عقباها.