سأل متروبوليت ​بيروت​ للروم الأرثوذكس ​المطران الياس عودة​ "كيف تريدون بناء وطن وأنتم تتسببون بإقفال المدارس بسبب الإهمال تارة، والقرارات العشوائية طورا؟ هل نسيتم أن من فتح مدرسة أقفل سجنا؟ نعاين العكس تماما، إذ تقفل المدارس، وتفتح السجون على مصراعيها لإقفال فم كل صاحب رأي حر. وفي حين تتفانى ​المدارس الخاصة​ لسد ثغرات التعليم في بلدنا، تتنصل ​الدولة​ من القيام بواجبها تجاه القطاع التربوي الخاص ودوره الحيوي، وخصوصا في ظل ما نمر به من ظروف سوداء، الأمر الذي يؤدي إلى احتضار المدارس حتى الإقفال. لماذا لا تلتزم دولتنا حفظ حق ​الإنسان​ في إلزامية التعليم ومجانيته وجودته؟ هذا الحق الذي عليها تقديسه لا اغتياله بغية تسطيح العقول وتنشئة أناس مستعبدين لا يجرؤون على التفكير بعيدا من مصلحة الزعيم. إن ثلثي تلامذة ​لبنان​ يتعلمون في المدارس الخاصة، وهم لا يحظون بأي دعم من الدولة. وفي حين أن الدولة لم تقم بواجبها وأهملت القطاع التربوي بشقيه الرسمي والخاص، سترت الكنيسة هذا العيب مقدمة الدعم الكبير للتلاميذ، غير أن الكنيسة ليست هي الدولة، ولا تستطيع أن تحل مكانها فيما بعد، خصوصا في أزمة متشعبة كالتي نعيشها والتي استنفدت كل المقدرات. مصير ​العام الدراسي​ المقبل مجهول، والدولة هي المسؤولة الأولى عن هذه الكارثة، بسبب تراكم القرارات غير المنفذة على مدى سنوات طوال، بالإضافة إلى انهيار ​الاقتصاد​ والتضخم و​البطالة​. فهل ستكون دولتنا دولة فتح المدارس أم السجون؟".

اضاف المطران عودة خلال قداس الأحد في كاتدرائية القديس جاورجيوس في ​ساحة النجمة​ بيروت، "يا قادة بلادنا المحترمين، أخاطب ما تبقى فيكم من ضمير. هل تنامون مرتاحين ومن استلمتم مسؤولية رعايتهم يتضورون جوعا، ويموتون عطشا وانتحارا؟ الناس يغرقون في ظلمة أدخلتموهم فيها بسبب نهجكم العشوائي غير المسؤول؟".

أضاف: "أعود لأقول في أي غابة نعيش؟ ألا تؤثر فيكم رؤية كبار السن يأكلون من مستودعات ​النفايات​؟ ألم تصلكم ​أخبار​ من يقايض موجودات بيته بعلبة حليب لرضيعه؟ ألم تلاحظوا عدد المؤسسات التي أغلقت أبوابها، ولم تصلكم أعداد العاطلين عن العمل؟ ولا تزالون تسمحون بانهيار العملة وبرفع الأسعار من دون محاسبة. تهابون غضب التجار وتنهبون تعب المواطنين الذين لم يعودوا يرون في لبنان وطنا لكل أبنائه. إلى متى؟ ألا تكفي الأعوام التي مرت على هذا الشعب الذي شبع، لا طعاما، بل ذلا وتكفيرا ويأسا! أنتم مسؤولون، وسوف يسألكم الرب في اليوم الأخير عما فعلتموه بإخوته الصغار، فبم ستجيبون؟"

واشار الى انه "في النهاية، أسأل الرب الرؤوف المحب البشر أن يلمس قلب كل قائد وحاكم، ويزرع فيه ​المحبة​ والتواضع اللذين رأيناهما في قائد المئة. دعائي أن ننعم ب​السلام​، ونكون جميعا يدا واحدة تعمل من أجل خير الإنسان وكرامته، كائنا من كان، وأن يبعد الله عنا كل وباء وجائحة".