لن يكون إنفجار الرابع من آب الذي هزّ ​مرفأ بيروت​ ومعه كلّ ​لبنان​ مجرّد حدث وقع أو حتى فاجعة أدمت لبنان وستسجّل في التاريخ الحديث، هو في الواقع ​زلزال​ محى معالم بيروت، فهذه المدينة التي وصفت يوما "بستّ الدنيا" حزينة لا تعرف كيف تلملم جراحاتها... بالمختصر هي "مصيبة" لا توصّف بكلمات!.

اليوم بيروت تنتظر ولادتها ​الجديدة​ فالعصف الذي حصل في الانفجار محى عددا كبيرا من الأبنية وخلّف خرابا ودماراً، والبس العائلات السواد حدادا على فراق حبيب أو قريب، في حين أن آخرين لا يزالون ينتظرون خبراً عمّن فقدوا تحت الركام. اضافة الى هذا كلّه يبقى الهمّ الاكبر كيفيّة معالجة تداعيات هذه الكارثة التي ألمّت بالأهالي فبين ليلة و​ضحايا​ باتوا وحيدين دون أقارب أو مأوى.

مسح ميداني

"لازلنا نقوم بالاحصاءات وبالمسح الشامل للاضرار وقسمنا بيروت الى أقسام أو Zone". هذا ما يؤكده ​محافظ​ بيروت ​القاضي مروان عبود​، لافتاً الى أن "هذا العمل تقوم به الفرق الاجنبية التي قدمت الى لبنان تعاونها مجموعة تابعة ل​بلدية بيروت​"، مشيراً الى أن "التركيز في البداية عند القيام بالمسح يكون على الابنية التي تشكّل خطراً على السلامة، وعندما نتلقى إشارة أنها غير صالحة للسكن نطلب اخلاءها فوراً".

لا يخفي القاضي عبود المرارة التي يشعر بها عند كلّ اشراقة ​الشمس​ وبدء الاعمال، إذ يقول "كلما تقدمنا بالمسح الميداني نكتشف أن عدد المباني المتضررة أكبر بكثير من الذي توقعناه في البداية، واللافت أن مختلف الأبنية باتت غير صالحة للسكن او للعمل"، مشيراً الى أننا "سنعمل على مرحلتين، الأولى هي الترميم والثانية اعادة الاعمار"، مضيفاً: "في الوقت الراهن نسمح بالترميم فوراً دون طلب تراخيص أو القيام بأي شيء، والهدف من هذا الاجراء التسهيل على المواطنين"، مشددا أيضا على أننا "ندرس وبالقانون إيجاد آلية لاعفاء كلّ المنازل المتضررة من الرسوم ​البلدية​".

مشكلة الابنية الأثرية

واذا كنا تطرقنا الى الضرر اللاحق في أبنية بيروت فلا يمكن إلا أن نأتي على ذكر الابنية الاثرية. هنا يلفت القاضي عبود أنه " وفي ظل الكارثة التي حصلت بتنا أمام خطرين، إما هدم الابنية المتضررة ويعيدوا بناءها، وهنا يزول الطابع الاثري لبيروت أو أن تترك كما هي وهذا الامر يشكل خطرا على ​السلامة العامة​"، مؤكدا أن "هذا الامر هو قيد المتابعة بين مهندسين من البلدية و​الهيئة العليا للاغاثة​ و​التنظيم المدني​ لايجاد الحل المناسب".

إذاً، عملية المسح الميداني للمباني والأضرار في بيروت إنطلقت على قدم وساق بتعاون بين لبنان والخارج، ويبقى الاهمّ من هذا كلّه أنه وإن نجح المعنيون في اعادة الترميم أو ​البناء​ فإن عملية تضميد الجراح التي خلّفها الإنفجار في بيروت لن تكون أبدا بسهلة فتلك المشاهد ستبقى بذاكرة كلّ فرد عاشها!.