علمت صحيفة "الشرق الأوسط" من مصادر سياسية متطابقة على تواصل مع الإدارة الفرنسية المعنية بالملف ال​لبنان​ي، بأن "الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ ليس في وارد تأجيل زيارته الثانية للبنان"، عازية الأمر إلى أن "مجرد تأجيلها ستترتب عليه تداعيات سياسية أبرزها أن التأجيل يعني من وجهة نظر معظم الجهات المحلية، أن ​باريس​ اتخذت قرارها بوقف مبادرتها".

وشددت المصادر على أن "باريس منزعجة إلى أقصى الحدود من استمرار المراوحة التي يتحمّل مسؤوليتها جميع الأفرقاء بلا استثناء، والتي لا تزال تتبادل تسجيل المواقف وتحاول تحسين شروطها في التسوية التي تدفع باتجاه طي صفحة التأزّم لمصلحة التوافق على برنامج عمل يلتزم به الجميع وتتولى ​الحكومة الجديدة​ تنفيذه بلا أي تردد لوقف الانهيار المالي والاقتصادي، خصوصاً أنه لا ​مساعدات​ مالية ما لم تبادر القوى السياسية إلى مساعدة نفسها"، معربة عن إستغرابها لـ"استمرار تلكؤ هذه القوى في التوصل إلى برنامج عمل متكامل تتولى الحكومة الجديدة مهمة تطبيقه بحذافيره".

ورأت أن "بعض الجهات تتصرف كأن الزلزال الذي استهدف ​بيروت​ جراء ال​انفجار​ الذي حصل بالمرفأ، لا يضعها أمام تحدّيات أبرزها إعادة إعمار العاصمة"، مشيرة الى أن "باريس مستاءة من تلكؤ بعض الجهات وعدم مبادرتها إلى توظيف الفرصة التي أُتيحت لها بعودة الاهتمام الدولي بلبنان بعد انقطاع استمر لسنوات للانتقال ببلدهم من مرحلة الانهيار الذي أخذ يتدحرج نحو الهاوية إلى مرحلة إزالة آثار الزلزال الذي أحدثه انفجار المرفأ، وصولاً إلى توفير الحلول ل​تحقيق​ التعافي المالي المشروط ببرنامج إصلاحي وإداري، لكنها في المقابل باتت أسيرة الارتباك الذي يُبقي لبنان يدور في حلقة مفرغة".

ولفتت إلى أن "​الاتصالات​ التي أجراها ويجريها ماكرون مع الجهات الفاعلة للتأكد من مدى استعدادها لمغادرة المربع الأول باتجاه السير في الخطة الإنقاذية، لم تحقق أي تقدّم بسبب إصرار هذا الفريق أو ذاك على التعاطي بالمفرّق مع الأفكار التي طرحها الرئيس الفرنسي"، معتبرة أن "عدوى الإرباك انتقلت إلى الفريق الفرنسي المولج الملف اللبناني"، كاشفة عن أن "ماكرون لم يصمد أمام الأفكار التي طرحها على القيادات التي التقاها في قصر الصنوبر".

وأكدت المصادر أن "ماكرون طرح في اتصالاته بأبرز المكوّنات اللبنانية، أكثر من فكرة، وأن بعضها على تناقض مع الآخر"، وقالت إن رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ "لا يهوى التدخل في عملية ​تشكيل الحكومة​؛ لكنه اضطر للدخول على خط المشاورات التي تعهد بها ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ بعد أن اصطدمت بحائط مسدود لغياب أبرز المكوّنات عنها والتي لم تقتصر على قيادات ​14 آذار​ سابقاً، وإنما انسحبت على زعيم "​تيار المردة​" النائب السابق ​سليمان فرنجية​".

وتوقّعت في حال أصر ماكرون على مجيئه إلى بيروت، فإن "هدفه الأول من عودته إلى بيروت سيكون حضور الاحتفال الذي يقام لمناسبة الذكرى المئوية لولادة لبنان الكبير". وقالت إن "ماكرون سيلقي خطاباً بهذه المناسبة يلفت فيه إلى دور فرنسا في ولادة لبنان الكبير من دون أن يخفي مخاوفه من تجزئته إلى لبنان غير الذي تأسّس انطلاقاً من ​جبل لبنان​".

وسألت عن "مدى استعداد الجهات للإفادة من الوقت المتبقي الذي يسبق زيارته وتبادر فوراً إلى تهيئة الأجواء وتوفير الشروط لإخراج عملية ​تأليف الحكومة​ من التأزم، خصوصاً أن الذين التقاهم في "قصر الصنوبر" لم يغادروا متاريسهم السياسية للقاء بعضهم بعضاً في منتصف الطريق".

إلى ذلك، قالت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة إن بري باقٍ على موقفه بإطفاء محركاته ولم تنجح الاتصالات لإقناعه بإعادة تشغيلها أو باستضافته مجدداً للقاء الذي جمعه برئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​ في حضور المعاون السياسي للأمين العام لـ"حزب الله" ​حسين خليل​ والنائب ​علي حسن خليل​.