انقضت المهلة التي حددتها فرنسا للقوى السياسية لإنجاز ملف تشكيل ​الحكومة​، إلا أنها لا زالت تتنازع من أجل الاحتفاظ بالمكاسب الوزارية والمالية. سعى ​مصطفى أديب​ لإنهاء المهمة التي ينسقها مع الفرنسيين من خلال ​ايمانويل بون​ المستشار السابق للرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​، وقد أكدت المصادر أنه كان يتواصل يومياً مع أديب، بالإضافة لتواصله الدائم مع رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​، لتذليل العقبات أمام الرئيس المكلف.

وتؤكد المصادر أن أديب ارتكز في اجتماعاته على لقاء شخصيات من ​المجتمع المدني​ والحراك والمجموعات السياسية، ما يعد مؤشراً لاتجاه نيته مشاركتهم في الحكومة القادمة، رغم أن تكليفه جاء نتاج توافق سياسي من أحزاب ​السلطة​.

التعنت بالوزارت والتقاسم الطائفي للسلطة والقوة بفرض المحاصصة، سيؤكد للفرنسيين أنّ أولوية هذه القوى ما زالت لعبة المال والسلطة، وأنه لا مجال للمراهنة على إنقاذ البلاد، وهذا قد يدفع فرنسا لتأييد وجهة النظر الأميركية التي تهدد بالعقوبات.

ستتغافل فرنسا عمّن ارتكب الفساد بمعنى العفو عنهم شرطّ ألا يعود الفاسد إلى سلوكه السابق، وأن الفرنسيين ليسوا متحمسين لفتح ملفات الفساد في حال إلتزمتّ القوى والأحزاب السياسية بالمهل والإصلاحات المطلوبة.

فبعد اعتذار التيار الوطني الحر على لسان رئيسه ​جبران باسيل​، تسهيلاً منه لعملية التأليف وتنازله عن وزارات تولاها لسنوات، رغم ان موقف التيار جاء ايجابياً الا انه لم يثمر في الضغط على تيار المستقبل، بما خص وزارة الداخلية .

يعتبر ​حزب الله​ واقعاً في ​لبنان​، رغم ان الطبقة السياسية اللبنانية بأكملها متحدة وراء هذه المهمة الهائلة، وهو يعلم ان عليه لعب الدور في هذا الاتجاه أيضاً.

ويتوجب على القوى السياسية مجتمعة بما فيها الحزب، الذي تعتبره ​واشنطن​ منظمة "إرهابية"، أن تدفع نحو ​تحقيق​ الاصلاحات الملحة.

ومن جهة الرئيس نبيه بري وتمسكه بحقيبة ​وزارة المال​ أيا كان الثمن، والسبب ليس فقط مسألة التوقيع الرابع على المراسيم تطبيقا للتوازنات الطائفية، بل أيضا للإمساك بالشريان المالي ومن خلاله الدخول على خط التفاهم بين الحريري وباسيل والذي لا يقتصر فقط على السياسة بل أيضا على الملفات الاقتصادية بما فيها ملف التدقيق الجنائي الذي بدأ في ​مصرف لبنان​ وسيمر بالوزارات العامة .

فبعد الاخذ والرد وانتهاء المهلة المحددة أي الأسبوعين، هل يمتطي اديب اليوم حصان التأليف من الشانزيليزيه الى بيروت حاملاً بجعبته التشكيلة الحكومية من ١٤ وزيراً من الاختصاصيين منهم ٧ وزراء يعيشون في الخارج، فيخرج الدخان الأبيض اليوم من ​قصر بعبدا​ ويوقع رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ مراسم التشكيل ويسهل مهمة اديب ويُلقى الترحيب السار من المجتمع الدولي؟

فالبلد لم يعد يحتمل المناورات وإنما الحلول بإنهاء سياسة المحاصصة في تقاسم الوزراء التي أثبتت فشلها وأوصلت البلد إلى ما وصل إليه.

وكم نحن بحاجة ملحة الى رؤية جديدة تُدخل لبنان في منهجية جديدة قائمة على تطبيق الإصلاحات بالاعتماد على مختصين، وليس على تقاسم الغنائم، وهذا أمل كل لبناني، وهو أمل واقعي لعبور هذه المرحلة الحساسة، فانعدام المسؤولية الوطنية كان أحد المسببات التي وضعت لبنان على حافة خطر وجودي، فالإهمال والاستهتار سببان مباشران لكل الأزمات التي يعاني منها لبنان، وكانت سبباً في ​انفجار مرفأ بيروت​، وما خلَّفَ من ضحايا ونكبةٍ ودمار.