اشارت صحيفة "​دي فيلت​" الألمانية الى إن ​حزب الله​ استخدم ​نترات الأمونيوم​ مرارا وتكرارا لشن هجمات، ويسبب تعامله المستمر بهذه المادة مشكلة دولية كبيرة. وذكرت انه في وقت مبكر من عام 1994، حاول "حزب الله" مهاجمة السفارة الإسرائيلية في ​بانكوك​، عاصمة ​تايلاند​، ب​سيارة مفخخة​ تحتوي على طن من نترات الأمونيوم. واوضحت بان الحزب استخدم نفس المادة لتنفيذ هجمات على الأراضي الأوروبية.

وفي عام 2015، قتل مهاجمون من "حزب الله" 5 سياح إسرائيليين في مدينة بورجاس الساحلية البلغارية، واستخدمت نترات الأمونيوم في الهجوم، وفق ما نقلته الصحيفة عن أجهزة مخابرات غربية لم تسمها.

وبنية ارتكاب المزيد من الهجمات على الساحة الدولية، استمر حزب الله في تخزين نترات الأمونيوم في بلدان مختلفة. وفي 2015، على سبيل المثال، قُبض على رجل ذو صلة بحزب الله في ​لارنكا​، عاصمة قبرص، كان يخزن 42 صندوقًا من نترات الأمونيوم. ووفق ​تقارير​ إعلامية، عثرت السلطات في ​بريطانيا​ وجنوب ​ألمانيا​ على كميات مخزنة من نترات الأمونيوم تخص حزب الله في الدولتين مؤخرا.

ونقلت "دي فيلت" عن أجهزة استخبارات غربية أن حزب الله أراد تخزين نترات الأمونيوم ربما لاستخدامها في قارة أخرى، وهي ​أفريقيا​، عن طريق سفن تجارية تابعة لشركة شحن أوروبية في نقل كمية من نترات الأمونيوم كافية لتنفيذ هجومين على الأقل في ​نيجيريا​. وتملك نيجيريا ​الاقتصاد​ الأكثر ديناميكية في أفريقيا، وخبأ حزب الله هذه المادة في شحنة ​مواد غذائية​.

وأوضحت الصحيفة أن "حزب الله نقل 8 كيلوغرامات من نترات الأمونيوم المتفجرة في حاوية تحتوي على مواد غذائية في نيسان 2019". وأضافت: "كما أن المعلومات تشير إلى أن عشرات من أقراص الهكسامين التي كان من الممكن استخدامها للإشعال، كانت ضمن الشحنة".

ووفق الصحيفة، نقلت سفينة الحاويات Bremen Belle التي تديرها شركة شحن فرنسية، الشحنة من ​بيروت​ إلى ​الجزيرة​ الخضراء ب​إسبانيا​. وترك حزب الله الشحنة في ميناء إسباني لمدة 10 أيام، ما عرض ​الميناء​ لخطر كبير. ثم نقلتها سفينة تحمل اسم "CGM CMA Lapis" مملوكة لنفس الشركة الفرنسية إلى ميناء في نيجيريا قبل أن تصل أخيرا إلى لاجوس. وفي وقت لاحق، انتشرت أنباء عن توقيف المواطن ال​لبنان​ي، محمد علي غالب زريق، في نيجيريا، وكان الأمر يتعلق بعملية نقل نترات الأمونيوم.

وحينها، ضغط حزب الله على ​الحكومة اللبنانية​ لتقوم بدورها بالضغط من أجل إطلاق سراح زريق في نيجيريا. وبالفعل، جرى نقل الرجل إلى ​السفارة اللبنانية​ في نيجيريا، بشرط عدم مغادرة المبنى. لكن الأنباء التي وردت بعد وقت قصير، أشارت إلى أن زريق عاد إلى لبنان، وفق المعلومات التي حصلت عليها "دي فيلت".

وقارنت "دي فيلت" المعلومات الاستخباراتية التي تملكها بقاعدة بيانات تحركات ​السفن​ في 2019، ما أثبت صحة المعلومات، إذ قامت السفينتان "Bremen Belle" و"CGM CMA Lapis"، برحلتين بين بيروت وإسبانيا، وإسبانيا ونيجيريا على الترتيب في نفس الفترة.

وذكرت الشركة الفرنسية المالكة للسفينتين، وهي "CGM CMA Group"، للصحيفة ذاتها، أن السفينتين نقلتا بداية من نيسان 2019، شحنات مواد غذائية تخص شركة لبنانية هي "Dirani Group". ورغم نفي الشركة الفرنسية معرفتها باحتواء الشحنة على ذخائر، إلا أنها ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها ربط الشركة، التي أسسها الفرنسي اللبناني جاك سعدي، ويديرها الآن ابنه رودولف، بعمليات تهريب الذخائر.

وفي آذار 2011، صعدت دورية بحرية إسرائيلية على متن سفينة استأجرتها شركة "CGM CMA" للاشتباه في نقلها أسلحة بشكل غير قانوني إلى ​قطاع غزة​ الذي تسيطر عليه ​حركة حماس​. وبحسب ​السلطات الإسرائيلية​، فقد عثر المفتشون على نحو 50 طنا من الأسلحة الإيرانية على متن ​السفينة​، بما في ذلك ​صواريخ​ مضادة للسفن و3000 ​قذيفة هاون​ ونحو 70 ألف طلقة من ذخيرة الرشاشات.

ونقلت "دي فيلت" عن خبراء في شؤون ​الشرق الأوسط​ أن نقل شحنة نترات الأمونيوم إلى نيجيريا "يتماشى مع منطق حزب الله في اتخاذ الاستعدادات من أجل تنفيذ هجمات مستقبلية، لكن صغر الكمية المهربة إلى نيجيريا يثير الشكوك".

وتابع الخبراء "حزب الله لم يكن بحاجة لنقل 8 كيلوغرامات من نترات الأمونيوم في وسط شحنة مواد غذائية، وكان من الممكن نقلها في مقصورة السفينة أو بأي طريقة أخرى لا تخضع للرقابة الجمركية، بل كان يمكن شراؤها من نيجيريا مباشرة دون الحاجة لكل هذه الترتيبات. كما أن هذه الكمية الصغيرة لا يمكن أن تكون للتخزين". وخلص الخبراء إلى أن هذه العملية كانت تجريبية لاختبار مسار النقل، تمهيدا لنقل كميات أكبر بكثير إلى نيجيريا التي تعج ب​رجال الأعمال​ ​العالم​يين والإسرائيليين وأهداف لهجمات محتملة.

ورات الصحيفة انه "من الواضح أن التفجير في بيروت أظهر الدمار الذي يمكن أن تلحقه البضائع الخطرة بالمدن الساحلية حول العالم، وهذه المخاطر لا تؤثر فقط على الشرق الأوسط وأفريقيا، ولكن أيضًا على ​الاتحاد الأوروبي​". وتابعت: "إذا ظلت مادة شديدة الانفجار في أحد الموانئ الإسبانية لمدة 10 أيام دون أن يلاحظها أحد، وتمكن حزب الله من تحزين نفس المادة في بريطانيا وألمانيا، فإن الخطر الذي يشكله التنظيم قوي وحقيقي للغاية".