في ظلّ الأزمة الراهنة التي تمرّ بها البلاد بات مشهد ​النفايات​ في الشوارع عادياً، فبعد الدمار والخراب والاوضاع الاقتصادية الصعبة لم يعد هذا المشهد "بكارثة" خصوصا وان اللبناني تعوّد على الأسوأ... وعلى طول ​الساحل اللبناني​ وفي مناطق ​بيروت​ و​جبل لبنان​ خصوصاً حيثما ما تمرّ تجد في كلّ زاوية الأكوام تصل الى حدّ أن تبلغ "نهراً" من القمامة في بعض الامكنة ما يستوجب ايجاد حلّ سريع للأزمة!.

مؤخراً عقد إجتماع في القصر الجمهوري في بعبدا ترأسه رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة السابق ​حسان دياب​، ومن أبرز الحاضرين وزير البيئة ديميانوس قطار ورئيس ادارة التخطيط والبرمجة في الانماء والاعمار المهندس ابراهيم شحرور، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون البيئية فادي جريصاتي، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الهندسية انطون سعيد وخلص الاجتماع الى الطلب الى الإنماء والاعمار وضع التصوّر المناسب لتفادي تفاقم الأزمة وإيجاد الحلول المناسبة.

الانماء والاعمار السبب

في هذا السياق تشرح مصادر مطلعة عبر "النشرة" الى أنه "بتاريخ 17/08/2020 أرسل رئيس المجلس المذكور كتاباً الى وزير البيئة تطرق فيه الى موضوع القدرة الاستيعابية لمطمر ​الجديدة​، أشار الى أنه من المتوقّع استنفاد القدرة المتبقية لمطمر الجديدة بتاريخ 14/09/2020" الفائت، مضيفةً: "إذا اسند الموضوع الى الإنماء والإعمار فهل من المتوقّع إيجاد حلّ للأزمة"؟. مذكرة أن الإنماء والإعمار مولج قبل مجلس الوزراء إدارة ملف ​النفايات الصلبة​ في لبنان بموجب قرارات مجلس الوزراء المتوالية وهو فعلياً من أوصل البلاد الى الأزمة التي حدثت في العام 2015 عندما إنتشرت النفايات في منطقة بيروت وجبل لبنان على الطرقات لدرجة أن الناس ظنّت أن هناك نهراً منها، فهل يعقل أن من هو مصدر الأزمة أن يوكّل هو بالحلّ"؟.

مقارنة بين الجديدة والناعمة

تعود المصادر الى دراسة توسعة مطمر الجديدة والقدرة الاستيعابية وجهوزية ​مطمر الناعمة​ بتاريخ 6/04/2020 التي قام بها الإنماء والإعمار، وأشارت المصادر الى ان "الدراستين المقدمتين من الاستشاري Libanconsult AGM والاستشاري Laceco أظهرت أن لمطمر الجديدة قدرة هي 310.000 طن، والفترة اللازمة لبدء استقبال النفايات اعتبارا من تاريخ بدء الاشغال هي بين 3 و4 أشهر فيما كلفة الطن 99$ في حين أن اعادة فتح مطمر الناعمة الذي يستوعب 2.130.000 طن والفترة اللازمة لبدء استقبال النفايات اسبوعين فيما معدل الكلفة التقديرية للطن هو 38$".

خيارات مطروحة

كذلك تشدّد المصادر على أن وزير البيئة ديميانوس قطّار رفع كتاباً الى مجلس الوزراء بتاريخ 8/09/2020 اقترح فيه مجموعة حلول منها ما ذكر حول توسعة مطمر الجديدة أو اللجوء الى خيارات استثنائية طارئة لفترة محددة، كاعادة فتح مطمر الناعمة او اعتماد عقار مستثمر كمقلع سابقاً خلافا للقانون في قضاء الشوف لا يعلو عن سطح البحر اكثر من 400 م كبديل عن مطمر الجديدة لحين الانتهاء من تجهيز الناعمة بحسب ما اقترح المدير العام لوزراة البيئة برج هاتجيان. ولكن ورغم هذا كلّه تشير المصادر الى أن "الاتجاه الذي اختارته الدولة هو اعادة توسعة مطمر الجديدة رغم ان مطمر الناعمة سيكلّف أقل ويمكن الطمر فيه لمدة أطول"، معتبرة أن "هذا الخيار ليس الأمثل أو الأسلم، ولكن فتح مطمر الناعمة يستوجب القيام بمعركة مع النائب السابق ​وليد جنبلاط​ والدولة ليست جاهزة لها حالياً".

المطمر الصحي البيئي

تصف المصادر اللجوء الى خيار توسعة مطمر الجديدة بـ"الجريمة البيئية"، مشيرة الى أنه "في البحر لا يمكن عزل المطمر عن البيئة البحرية"، لافتة الى أن "المطمر الصحي البيئي أو Sanitary Land Fill بما معناه أن المطامر الصحيّة تنشأ على الارض أي اليابسة للتمكن من حصر التلوّث وعدم تسربه الى المياه الجوفية"، مضيفة: "أما طمر البحار بالنفايات الصلبة هو مفهوم غير موجود في الهندسة البيئية ولا يمكن تسميته Sanitary Sea Land إذ لا يمكن عزل النفايات عن مياه البحر بمنطقة مردومة، وان العازل الذي سيستعمل لهذه الغاية سيتشقق حكماً ومن ثمّ تتسرّب العصارة والثلوّث الى مياه البحر كون الارض التي تحمل هذه النفايات مردومة وليست صلبة ومعرضة لهبوط الارض".

إذاً يبدو أننا نتجه الى توسعة مطمر الجديدة، ولكن وبحسب دراسات الانماء والاعمار فإن بدء الاشغال فيه، أي رمي النفايات هو بعد ثلاثة أشهر من تاريخ اتخاذ القرار... فما سيكون الوضع خلال هذا الوقت وهل تبقى القمامة في الشوارع الى حين الانتهاء من التوسعة؟!.