أكد المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​ أن "شعار النبي الأعظم (ص) بقداسة الإنسان وشراكته وعظمة حقوقه وأوطانه على قاعدة السلطة العادلة، والتربية النبيلة، والدولة الآمنة، والإنسان المعزّز بالأخلاقيات والمواطن المحمي والمضمون بكافة جوانب الحقوق، وهذا يفترض إدانة السلطة الفاسدة وإعلان الخصومة معها، والتبرؤ من هدرها وصفقاتها ونهبها وخيانتها لشعبها وناسها، وهو ما عانى منه اللبنانيون بشدة، وما زالوا يعانون من هذه السلطة الجائرة والظالمة".

وفي رسالة الجمعة لهذا الأسبوع لمناسبة ذكرى ولادة ​النبي محمد​، لفت قبلان إلى أن "أزمة البلد الآن كارثية، فإننا نؤكّد وقوفنا مع شعبنا وأهلنا، ومع كل قوة سياسية أو إطار نضالي وأخلاقي، لإنقاذ البلد من طغيان الفساد وأهله، والنهب وأهله، والاستبداد السياسي المالي وأهله"، مذكراً "البعض بضرورة الخلاص من لعبة تقاسم الناس والسلطة".

كما حذر من "الطائفية البغيضة، والدولة السائبة، والأسواق الموزّعة على هذا الذئب وذاك التمساح، والأموال التي تمّ نهبها عبر مافيا المصارف بشراكة وإشراف ​المصرف المركزي​، هذه حقوق الناس فبأي حق تنهبوها! هذه أمانات، من أذن لكم بصرفها وإنفاقها على بغيكم وفسادكم! إنها حقوق مقدسة يجب أن تستعاد "بالمنيح بالقضاء بالقوة" يجب أن ترد إلى أصحابها"، مؤكداً أنه "على ​الحكومة الجديدة​ أن تكون حكومة إنقاذ حقيقي وليس حكومة تقاسم وضرائب وصفقات، حكومة تحمي المواطن اللبناني من القرصنة السياسية والطائفية والمناطقية، ولا تدخله في دهاليز الوصفات النقدية ل​صندوق النقد الدولي​".

وشدد قبلان على أنه "على هذه الحكومة أن تضع هذه القضية في سلّم أولوياتها، لأن المطلوب أن يدفع الناهب وليس المنهوب، وأن يحاسب ويحاكم من سرق وليس المسروق. نعم من هنا يبدأ الإصلاح، واسترداد الأموال، وكسر احتكار الأسواق والثروات والسلطات، والوكالات وليس بتكريس الضرائب والرسوم على الشعب المنكوب". وأفاد بأننا "لا نريد حكومة أولويات سلطة، وأوزان وزعامات وحاشيات، بل نريد حكومة أولويات شعب مسروق، وبلد محتكر، وأسواق يتحكّم فيها الدولار وحيتان التجار. نعيد ونؤكّد: إياكم ولعبة رفع الدعم عن المواد الأساسية، إياكم ودفع الناس إلى الانفجار، إياكم والاعتقاد بأن هذه اللعبة ستمرّ، فالقضية بالنسبة إلى الناس قضية حياة أو موت، فلا تلعبوها، رحمة بما تبقى من هذا البلد".

وفي سياق متصل، نوه بأنه "من عبق هذه الولادة المباركة ولادة رسول الرحمة والإنسانية، نؤكّد كمسلمين تأسياً بنبينا محمد والتزاماً بتعاليم ديننا، احترامنا لجميع شعوب العالم، فدماؤهم محرّمة، ومعتقداتهم محترمة. وبناءً عليه نحن ندين بشدة أي عمل إجرامي يطال أي شعب، ومنها الشعب الفرنسي، ونرفض رفضاً مطلقاً ما حصل بالأمس في فرنسا، ونشجبه بقوة ونعتبره اعتداءً سافراً ووقحاً على المسلمين قبل غيرهم، وعليه نحن نتبرأ منه، ويتبرأ منه رسول الله، رسول القيم الإنسانية والأخلاقية والكرامة والإباء والمحبة والرحمة والحوار".

ودعا قبلان "كل المرجعيات الدينية والروحية، ومعها كل مراكز السلطة الدولية والإقليمية، إسلامية ومسيحية، إلى أخذ مثل هذه الظواهر بعين الخطورة، والمسارعة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة، والحلول العملية والضوابط الصارمة والحازمة سياسياً وقانونياً وأمنياً، تصون المعتقدات، وتمنع التعرض للمقدسات، حتى لا تبقى حرية الرأي والتعبير شمّاعة الفزّاعات".

ودان كذلك "الموقف الرسمي الفرنسي المتعاون مع هذه الإساءة لرسول الله، والمستخف والمستهتر بمشاعر الملايين من المسلمين الذين يرفضون ​الإرهاب​ ولا يقبلون به، ويناهضون كل محاولة لتحميل الإسلام المحمدي بنسخته السماوية أي عمل شائن أو إرهابي، تمارسه بعض العقول المتحجرة وذوو الأفكار المنحرفة، وخريجو المدارس القذرة، بهدف النيل من الإسلام والمسلمين، والوصول إلى صدام الديانات والحضارات".

ولفت إلى أن "مزيداً من تحويل ​الشرق الأوسط​ إلى ميدان حروب وعداوات من قبل ​واشنطن​ وحلفائها سيدفع نحو المزيد من ردات الفعل، التي لن تتوقف عند حدود. ولهذا ننبّه واشنطن إلى خطورة سياساتها في العالم والمنطقة، وبخاصة في ​فلسطين​، وندعوها إلى تغيير نهجها، وتعديل سياساتها في عملية بناء السلام في المنطقة، لأن السلام العادل لن يتحقق ولن يكون ناجزاً ما لم تتأمن حقوق ​الشعب الفلسطيني​ في إقامة دولته وعاصمتها ​القدس​ الشريف، وهذا ما يجب أن تعيه كل الأنظمة العربية، وكل قياداتها وبخاصة أولئك اللاهثون خلف التطبيع مع العدو الصهيوني، الخائنين لقضايا أمتهم ولكرامة شعوبهم".