لا يزال ​فيروس كورونا​ المستجدّ من أبرز المخاطر التي تواجه البشرية، بسبب عدم التوصل إلى علاج أو لقاح ناجح حتى الآن، رغم المعطيات الإيجابيّة التي أعلنت عنها بعض الشركات في الأيام الماضية. في المقابل، هناك بعض الأمور التي من الممكن أن تساعد المصابين على الشفاء، منها تقنية "بلازما النقاهة" التي تؤكّد الدراسات العلمية أنها أثبتت فعاليتها.

هذه التقنية تستخدم في ​لبنان​ في العديد من المستشفيات، إلا أنّ غياب ​وزارة الصحة العامة​ عن ممارسة دورها الطبيعي أدّى إلى تطبيقها على نحو خاطئ في بعض الأحيان، بينما عمد البعض إلى المتاجرة بها في مرّات أخرى، الأمر الذي تُطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام، لا سيّما أن المتضرر الأوّل من ذلك هو المواطن اللبناني.

البلازما هو سائل أصفر اللون يشكل نسبة 55% من حجم الدم ويحمل خلايا الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية حول الجسم. وبعد إصابة شخص ما بأيّ فيروس، تبدأ البلازما الّتي تحتوي على أجسام مضادة بالمساعدة على مكافحة المرض.

في هذا السياق، يشير الدكتور جورج جعلوك المتخصص في أمراض الدم، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن التقنيّة كانت موجودة منذ ما قبل ظهور كورونا، حيث تم الإستعانة بها في التعامل مع فيروسات أخرى، حيث أن الأطبّاء، في ظل غياب العلاج، عمدوا إلى سحب مضادّات حيويّة من المتعافين لإعطائها للمصابين، الأمر الذي يشبه إعطاء لقاح سلبي (vaccine passive).

بالنسبة إلى فيروس كورونا المستجد، يلفت الدكتور جعلوك إلى أنه حتى الآن ليس هناك من علاج، ويوضح أن الأدوية التي تعطى أو العلاجات التي يقوم بها الأطباء تساعد على الشفاء، ويضيف: "البلازما تساعد، لأننا نعطي مضادات حيويّة جاهزة، لكن من المفترض أن يحصل ذلك في المراحل الأولى، نظراً إلى أنه عندما يصبح المريض على جهاز التنفس تصبح غير مفيدة".

ويوضح الدكتور جعلوك أنه في شهر آب الماضي صدرت دراسة عن 3 جامعات مهمّة (بوسطن، جونز هوبكينز، نيويورك سنتر) أكدت أن البلازما تساعد على خفض نسبة الوفيات بمرض كورونا بنسبة 57%، ويشدّد على أنّ هذه النسبة مهمّة جداً في الطبّ.

في شهر آذار الماضي، وجّه الدكتور جعلوك كتاباً إلى رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الصحة اقترح فيه استخدام الأجسام المضادة في البلازما لعلاج مرضى كورونا، وقدّم نفسه لتحضيرها في مستشفى بيروت الحكومي من دون مقابل لكن الإقتراح رُفِضَ. في المقابل قدّم عبر اللجنة المتخصّصة لمتابعة الموضوع في الطّبابة العسكرية، في الشهر نفسه، بروتوكولاً علاجياً متكاملاً بعد التنسيق مع أطباء في روما وبافيا-ايطاليا، ووافقت عليه ​قيادة الجيش​.

حول هذه التقنية، يشرح الدكتور جعلوك أن مريض الكورونا يبدأ بإنتاج ​المضادات الحيوية​ بعد 5 أيام من الإصابة، ويشير إلى أنّه بحال كان جهاز المناعة لديه قوياً ينتجها بكميّة كبيرة تساعده على الشفاء، لكن عندما يكون ضعيفاً ينتجها بكمية غير كافية، ويضيف: "الدراسات تقول انه بحال أعطي المريض البلازما بعد اليوم السابع يكون الأوان قد فات على ذلك".

في هذا الإطار، من الضروري التأكيد على أنّ المتبرع بالبلازما يجب أن يكون شخصاً شُفي من الكورونا، ومرّ على شفائه 14 يوماً من دون تسجيل أيّ عوارض، وخضَع لفحصي PCR أتت نتائجهما سلبية. إلا أن ما ينبغي التنبّه إليه هو أن المضاد الحيوي الذي يتمّ البحث عنه، بحسب ما يؤكد الدكتور جعلوك، يجب أن يكون "Anti-Spike".

وفي حين يلفت الدكتور جعلوك إلى أنه ليس من السهل إيجاد متبرّع، حيث من المفترض أن تكون لديه نسبة المضادات الحيويّة مرتفعة كي تكون مفيدة بالنسبة إلى المتلقّي، يشير إلى أن المضاد الحيوي "Anti-Nucleocapsid" هو عبارة عن "تجارة"، ويضيف: "هذه واحدة من الإخفاقات الموجودة في لبنان".

هنا يأتي السؤال عن دور وزارة الصحّة العامة، الّتي لا تزال خارج متابعة هذه التقنيّة، ما يعني ترك الأمر عرضة للإستغلال والتجارة، بالرغم من أنّها تساعد على خفض نسبة الوفيات، بحسب ما تؤكد الدراسات العلميّة، حيث من المفترض أن تلعب دوراً أساسياً على مستوى ضبط إستخدامها خصوصاً من ناحية التسعيرة، بالإضافة إلى كيفيّة القيام بالفحوصات ولمن تعطى البلازما.

في المحصّلة، من واجب وزارة الصحة متابعة هذا الموضوع البالغ الأهميّة بكل جدّية، إذ ان هذه التقنية تساعد على شفاء مرضى كورونا، فهل تقوم بذلك في الفترة المقبلة، طالما أنها تقدم، من ضمن الأسباب الموجبة لإعلان الإقفال العام، العمل على تحضير الأرضيّة المناسبة لمواجهة هذا الوباء؟.