بعد مرور أكثر من خمس سنوات على الأزمة المالية في لبنان، يسأل كثيرون لماذا لا يزال سعر صرف الدولار مقابل الليرة في المصارف هو نفسه، أي 15 ألف ليرة، بينما في السوق يصل إلى حدود 89700 ليرة.
قبل الغوص في الموضوع لتحديد إيجابيات وسلبيات تحرير سعر الصرف في المصارف، يجب أولاً التأكيد أن هناك إستفادة للبنوك ومصرف لبنان والدولة، من بقاء السعر على 15 ألفاً. ولكن لماذا؟ وكيف؟.
تشير مصادر مطلعة إلى أنه "بوجود فارق بسعر الصرف بين الدولار في المصارف والدولار على السعر الّذي أصبح ثابتا، فإن التزامات البنوك تجاه المودعين تقل، لأنه وبتسديدها الدولار على الـ15 الف ليرة، هي فعلياً تقوم بهيركات على الحسابات". إضافة إلى ذلك تلفت المصادر إلى أن "من مصلحة مصرف لبنان أن يبقي السعر النقدي مضبوطاً، والضبط هو بما يخصّ سعر الصرف من خلال الكتلة النقدية بالليرة، ولكن وفي حال حرّره في المصارف وأصبح موازياً لما يتمّ التداول به يمكنه وضع سقف للسحوبات، وبهذا الشكل يكون أراح الناس".
"الدولة أيضاً مستفيدة من موضوع الدولار في المصارف على الـ15 الف ليرة". هذا ما تؤكده المصادر، لافتةً إلى أنه "بذلك تخفّض دينها للمصارف، فإذا انخفضت التزامات المصارف للمودعين لأن سحب الدولار يتم على السعر المذكور، فإنه حكماً التزامات الدولة تجاه القطاع المصرفي ستنخفض". وتضيف: "المشكلة الحقيقية اليوم، والتي أدت بشكل أو بآخر إلى وضع لبنان على اللائحة الرماديّة، هو اقتصاد "الكاش" أو التعامل النقدي، وبالتالي ستلجأ الناس إلى سحب أموالها، في حال تم تحرير السعر في المصارف وهنا يجب إيجاد حلّ للموضوع".
تعود المصادر إلى الزمن القديم، حين كانت عملية الدفع تتمّ بالذهب. وتشير إلى أنه "كانوا يتعرضون دائماً لعمليات سطو ولتفادي ذلك اخترعت ايطاليا ورقة خاصة يتم التعامل بها وبعدها تتم محاسبة التاجر بالذهب، وهكذا أصبح هناك عملة ملموسة وبعدها أصبحنا ندفع فيها"، لماذا تروي المصادر هذه المسألة، لتصل إلى خلاصة هي أن "الحلّ اليوم هو إعطاء Full Access للمودعين على حساباتهم، وأي وسيلة تجدها الدولة مناسبة يتم اللجوء اليها، شرط عدم الحديث عن حسابات ما قبل 17 تشرين الاول 2019 أو ما بعده".
وتشدّد المصادر على أن "الحلّ الوحيد اليوم هو محاربة اقتصاد الكاش عبر وقف التعامل نقدا، ومن ثمّ القيام بإعادة هيكلة المصارف، ولكن ليس كما هو مطروح حالياً، أي دون تطيير الودائع".
وتلفت المصادر إلى أن "كلّ الإجراءات التي يقوم بها مصرف لبنان هي فقط حتى لا يتم وضع البلد على اللائحة السوداء، ولكن لن تخرجنا من اللائحة الرمادية".
في المحصّلة، وحتى الساعة ليس مطروحاً تحرير سعر صرف الليرة مقابل الدولار في المصارف، ولكنه يجب أن يحصل مع وضع سقوف للسحوبات، لأن بذلك تعود ثقة المودعين التي فقدتها بالقطاع المصرفي...