عندما إنتهت جلسة إستجوابه الأسبوع الماضي أمام قاضي التحقيق في ​بيروت​ أسعد بيرم، إعتذر نائب ​تيار المستقبل​ ​هادي حبيش​ من أمام قصر عدل بيروت عما قاله سابقاً من شتم وتحقير بحق مدعي عام ​جبل لبنان​ القاضية ​غادة عون​ يوم زار مكتبها مدافعاً بوكالته القانونية عن رئيس هيئة إدارة السير ​هدى سلوم​ التي أوقفت بملف فساد في النافعة. إعتذر حبيش مؤكداً أن ثقافته تقوم على دعم ​القضاء​، ومعرباً عن إستعداده لأي مصالحة قد تطرح مع القاضية عون، "خصوصاً بعدما طلب مني هذه المصالحة مرجع كبير وما فينا نقلو لأ" بحسب قول نائب عكار.

إعتذار حبيش لم يقدّم ولم يؤخر في المسار القضائي للقضية والسبب، بحسب معلومات "​النشرة​" رفض القاضية عون أي مصالحة وترك الكلمة الأولى والأخيرة في هذا الملف للقضاء، علماً أن المعلومات تكشف أن المرجع الكبير الذي قال حبيش إنه طلب المصالحة هو البطريك الماروني ​مار بشاره بطرس الراعي​.

في نهاية جلسة إستجواب حبيش، وبما أن ​الدولة اللبنانية​ هي التي إدّعت عليه عبر ​مجلس القضاء الأعلى​ ممثلة بهيئة القضايا في ​وزارة العدل​، هذا بالإضافة الى إدّعاء القاضية عون شخصياً والإخبار المقدم من المحامي ​وديع عقل​، طلب محامي الدولة توقيف حبيش فأحيل طلبه الى ​النيابة العامة​ الإستئنافية في بيروت، ولما رفضت الأخيرة طلب التوقيف، جاء القرار المتقدم بالأمس للقاضي أسعد بيرم. قرار ترى فيه المصادر القانونية المتابعة للملف إنجازاً كونه إتخذ ضد نائب في البرلمان ينتمي الى كتلة نيابية كبيرة والى تيار سياسي رئيسه مكلف تشكيل ​الحكومة​ وسبق أن ترأس الحكومة لمرات ثلاث سبقت.

قرار متقدم لأنه خالف رأي النيابة العامة ووضع حبيش تحت المراقبة القضائية مانعاً إياه من دخول كافة قصور العدل لمدة 3 أشهر. "قرار متقدم" تكرر المصادر القانونية "لأنه منع حبيش من ممارسة مهنة المحاماة للمدة المذكورة وذلك لأن أفعاله أي التعرض للقاضية عون في مكتبها مرتبطة بالمهنة. ولأنه إستعاض عن التوقيف بكفالة مالية قدرها 50 مليون ليرة على حبيش أن يسددها خلال 15 يوماً".

حتى ولو أنه قرار إستباقي سبق القرار الظني الذي سيصدره القاضي بيرم لاحقاً، "هو أكثر من مهم بالنسبة لحبيش كونه يمهّد لما يمكن ان يتضمنه القرار الظني، وكون حبيش يفضل المصالحة على الحكم القضائي الذي يدوّن على سجله العدلي وهذا ما يلحق به الضرر كمحامٍ وكسياسي ويمنعه من الترشح الى ​الإنتخابات النيابية​ قبل عملية تبييضه التي تحتاج الى 3 سنوات في حال إرتكابه جنحة سنداً الى المادتين 381 و382 من قانون العقوبات.

إذاً، فشلت مساعي المصالحة على طريقة أبو ملحم، وحتى لو إعترض حبيش مع ​نقابة المحامين​ في ​الشمال​ على قرار القاضي بيرم، ستبقى الكلمة الأخيرة للقضاء، لا للتسويات اللبنانية التي تضرب مبدأ المحاسبة.