دقت نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس جرس الإنذار وتتوجهتا الى جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم لتحذّرهم من أن هناك مخطّطاً ممنهجاً لتفكيك مؤسسات الدولة، ومن أنّ انهيار القيم والمؤسسات يجرُّ لبنان الى حالٍ من الفوضى القاتلة التي قد تؤدي الى زوال الكيان.

وبعد إجتماع طارئ واستثنائي في دار ​نقابة المحامين​ في بيروت، سألتا: "ماذا يبقى من الدولة عندما يسقط، في آن معاً، الرادع الأخلاقي والضابط القانوني؟ لن نسكت والأذى يتكلّمُ، ولن نكون شهود زور على إغتيال الدولة، بل معاً سنستردها من يد غاصبيها والعابثين بها".

وأشارتا إلى أنّ المحاماة تهدف الى تحقيق العدالة وتُسهم في تنفيذ الخدمة العامة وفاقاً لقوانينها وانظمتها المرعية الإجراء، أمّا المستغرب المستهجن هي القرارات الإرتجالية الاعتباطية الانتهازية التي تصدر في غير مرّة عن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال ​محمد فهمي​، والتي تُغيّب هذا الواقع عن الإستثناءات لتقييد حركة الآليات، ضاربةً عرض الحائط القوانين من جهة، والتوصيات والقرارات الصادرة عن ​المجلس الأعلى للدفاع​ من جهة أُخرى، وكذلك مفاهيم تسيير المرافق العامة، ومصالح وشؤون الناس المداهمة أحياناً التي يتولاها ​المحامون​ على كلّ الأراضي اللبنانيّة، وكأنّ الوزير يُكرّس شريعة الغاب".

واعتبرتا أن الحدث الخطير الذي وقع أول من أمس مع المحامي المتدرج، يأتي في سياق تعديّ الوزير الصارخ على دور المحامين؛ والمطلوب، قبل أيّ شيء وفوراً، من ​القضاء​ التحرّك بكلّ موضوعية توصّلاً الى توقيف عناصر ​القوى الأمنية​ المحرِّضة والمنفذة لهذا الإعتداء الغاشم غير المتناسب إطلاقاً مع طبيعة الإشكال، وإنّ أيّ تلكؤ بهذا الصدد سيواجه بالتصعيد المناسب؛ مع العلم أنّ نقابة المحامين في بيروت لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات المناسبة توصلاً لجلاء الحقيقة ومُساءَلة المحامي المتدرج في حال ثبوت إرتكابه لأفعال مخالفة للقوانين المرعية الإجراء لاسيما لقانون تنظيم المهنة وأنظمة النقابة".

وأكدتا أنه "مشهدٌ مؤسف مُستهجن، أياً يكن توزيع المسؤوليات، وأياً تكن التحقيقات التي ستبيّن في كلّ حال الحقائق بعيداً عن كلّ إجتزاء وتضليل، فوزير الداخلية تَسَبَّب بهذا المشهد، كما تَسَبَّب بوضع المحامين والقوى الأمنية في مواجهاتٍ عبثية تلبيةً لرغباتٍ مُبيّتة تودي بما تبقى من الدولة".

وأشارتا إلى أن "تعرّض السيد وزير الداخلية بالأمس لهيبة القضاء، وإتهام أكثر من 500 قاضٍ وقاضية بالفساد، يأتي في ذات سياق ضرب دور المحامين، وكلّ هذا، هو محاولة فاشلة لتطويع وترهيب المحامين والقضاة، وهو ضرب لمشروع قيام دولة القانون، وهو تكريس لدور الدولة البوليسية الأمنيّة، التي طالما ترصّدت نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس لها وتصدّتا لتوسُّع نشاطها.".

وأوضحتا أن "الكلّ لديه ملاحظات على الأداء القضائي، لا سيما ما حصل مؤخراً بمنع قاضٍ لمحامٍ من مزاولة مهنته، لكن هذا الواقع لا يواجه بضرب كلّ القضاء، يا أيّها الوزير المستقيل، وهذا القضاء المطلوب منه في هذه اللحظات الكثير، لا سيما في تفجير المرفأ، والتي أنت أيّها الوزير من بين المسؤولين عنه، علماً أنّنا ومنذ أسابيع لا نزال ننتظر من هذا القضاء التحرّك باتجاهك وملاحقتك انت وآخرين من المعنيين السياسيين والأمنيين في أكبر جريمة تعرّض لها اللبنانيون".

واعتبرتا أنه "إزاء تراكم التصرفات المشبوهة للسيد وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال، في كلّ ما ذُكر في هذا البيان وما نحجب عن ذكره في الوقت الحاضر، ندعوه فوراً الى إعفاء نفسه مِن مهامه وترك موقعه والرحيل، على أنْ يُكلَّف مؤقتاً وزير الداخلية بالوكالة لتسيير شؤون الوزارة الى حين تأليف الحكومة المطالب بتأليفها، اليوم قبل الغد فالمسؤولية هي جدارة".

ودعا مجلسا نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس المحامين للتوقف عن تأدية المهنة رفضاً لهذه الممارسات، يوم الثلاثاء الواقع في 1/12/2020، كخطوة أُولى متمسكين بكافة بياناتهما السابقة بخصوص أحقيّة إستثناء المحامين من تقيد حركة تنقلاتهم، ويبقيا جلساتهما مفتوحة لمتابعة سائر الإجراءات المسلكية والقضائية، ومواكبة سائر التطورات، تمهيداً لاتخاذ المواقف الحاسمة في حال حصول أيّ تلكؤ أو تخاذل في قضية الإعتداء على المحامي المتدرج، وأوّلها مراجعة المؤسسات الدولية الحقوقية، بعد توثيق الإنتهاكات الحاصلة، لإتفاقية مناهضة التعذيب والإعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.