بعد القرار الصادر عن مجلس النيابي بشأن التدقيق المالي الجنائي، رداً على الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ بهذا الخصوص، رصدت أوساط متابعة، عبر "النشرة"، مواقف متناقضة لعدد من أعضاء تكتل "الجمهورية القوية"، الأمر الذي يثير حوله العديد من علامات الإستفهام حول الموقف الحقيقي من هذه المسألة الحساسة.

وأشارت هذه الأوساط إلى أنه رغم الجو التوافقي الذي حاول أن يلبسه رئيس لجنة الإدارة والعدل ​جورج عدوان​ لجميع أعضاء التكتل، بشأن الإخراج الذي حصل في مجلس النواب بموضوع التدقيق الجنائي، إلا أن عدداً من اعضاء التكتل لم يتأخر في الاعتراض على ما اسماه "مسرحية المجلس"، منتقداً الإعلان عما حصل بدون أي خطوة تشريعية تضمن حصول التدقيق بشكل كامل من دون أي عائق قانوني، لمنع تكرار ما جرى مع حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ وشركة "الفاريز" التي انسحبت من هذه المهمة.

ولفتت إلى أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ اعتبر أنه "بعد القرار الذي اتخذه مجلس النواب أن السلطة الإجرائية، أي رئيس الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، مدعوة إلى إعادة تكليف أي شركة مختصة بالتدقيق الجنائي في أسرع وقت ممكن، لكي تباشر به بدءاً من مصرف لبنان وتباعاً على إدارات الدولة كلها، نظراً لما لهذا الأمر من أهمية قصوى على صعيد أي خطوة إصلاحية منتظرة في المدى القريب، وإلا يكون كل ما شهدناه مسرحية ثقيلة-غليظة، في الوقت الذي يعاني المواطن اللبناني مأساة عميقة وموجعة ومتمادية".

في المقابل، وفي مواقف تؤكد وجود تخبط في صفوف نواب "القوات"، بحسب ما ترى الأوساط نفسها، سأل النائب ​أنيس نصار​، في تصريح عبر مواقع التواصل الإجتماعي، "منذ متى يصدر ​المجلس النيابي​ المكرّم توصيات؟ الم يكن الأجدر أن يقر قانون رفع ​السرية المصرفية​ لفترة سنة مثلاً حتى لا يكون هناك أي ذريعة عند المعرقلين"؟، معتبراً أن "القانون موجود وتقدم به تكتل الجمهورية القوية".

وهذا الموقف لنصار يتلاقى مع موقف زميله في تكتل "الجمهورية القوية" ​سيزار المعلوف​، الذي أعرب عن خشيته من أن تكون هذه المبادرة "هي فتيل الفوضى التي تليها حربا أهلية فنصل حينها إلى عفو عام يتضمن العفو عن الجرائم المالية". واضاف "تذكرني هذه الخطوة بالمحكمة الدولية وسنواتها الـ15، وبالأيام الخمسة وكارثة مرفأ بيروت"، داعياً إلى وضع "رياض سلامة في الاقامة الجبرية ليعلن عن الفاسدين".

بالتزامن، اعتبر وزير العدل السابق ​ابراهيم نجار​، الذي يدور في فلك "القوات"، أن "ما حصل في مجلس النواب يثير موجة تساؤلات وكثيرون ينظرون إليه على أنّه مسرحيّة"، معتبراً أنه "حصل تعاون بين رئيسي الجمهوريّة ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري أدى إلى موضوع الرسالة إلى مجلس النواب".

بالنسبة إلى الأوساط المتابعة، هذه المواقف "القواتية" الثلاث كافية لإظهار الرفض المطلق للمسرحية التي حصلت في مجلس النواب، التي اعتبرها جعجع وعدوان خطوة أولى يجب أن تكلل بالتعاون مع شركة جديدة لاجراء التدقيق الجنائي، فيما هؤلاء النواب شككوا كلياً بهذه المسرحية وتخوفوا من أن تكون منسقة لربح المزيد من الوقت، ما يؤجل الانفجار المتوقع إلى وقت آخر، سائلة: "هل تعبر هذه المواقف القوّاتية المتباينة عن شرخ في صفوف الحزب، أم هي منسقة للتنصل لاحقاً مما وافقوا عليه في المجلس النيابي"؟.