أقامت أكاديمية بشير الجميّل لقاء حواريًا مع صاحب الغبطة والنيافة ​الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ حول مبادرة الحياد الناشط التي كان قد أطلقها غبطته في الخامس من شهر تموز الماضي، في ​جامعة الروح القدس​ – ​الكسليك​.

واعتبر الراعي، في كلمة له ان "الرئيس الشهيد ​بشير الجميل​ شهيد حياد ​لبنان​ لأنه كان ينادي ب​الدولة اللبنانية​ الحرّة وتوحيد ​الجيش اللبناني​ ووضع حد لكل الميليشيات ما يعطي للبنان دوره ورسالته، وبعد اعلاننا مبادرة الحياد في عظة الخامس من تموز الماضي لاحظنا كثافة المقالات وردود الفعل حولها لذلك عرضنا في وثيقة خاصة توضيحا حول ما تعنيه هذه المبادرة واهدافها، وهذا الحياد هو من عمق ​الهوية اللبنانية​ وهو ناشط بسبب دوره الفاعل".

وشدد الراعي على ان "الحياد لم يولد نتيجة مبادرة من البطريرك او من الصرح في ​بكركي​ وانما هو الكيان اللبناني الذي نستعيده، وما يؤكد ذلك ردود الفعل القوية التي اظهرت وكأن اللبنانيين الذين احسوا بضياع هويتهم عادوا وعثروا عليها، ووثيقة الحياد هذه وضعت في متناول الراي العام اللبناني ليطلع اكثر على المعنى الحقيقي للحياد واهميته ونتيجته. وفي هذا السياق سلّمنا كافة السفراء الذين التقيناهم هذه الوثيقة وهم جميعا من عرب وغربيين ابدوا حماسة لموضوع حياد لبنان نظرا لقيمة هذا الوطن."

وبيّن الراعي ان "لبنان عاش على الرغم من كل ذلك فترة بحبوحة على الرغم من كل الخضّات التي شهدتها المنطقة لأنه كان محايدا، وبحكم نظام لبنان التعددي والثقافي و​الدين​ي هو مكان للتلاقي والحوار وهو مكان العيش المسيحي والإسلامي غير الموجود في اي مكان وخصوصا انه قائم على الإنتماء للمواطنة، وفي كيانه الأساسي لبنان دولة مدنية تفصل بين الدين والدولة ولكنهم شوّهوا هذه الدولة بممارساتهم الطائفية، ونظامه ديمقراطي يعتمد الحريات العامة والإنفتاح على الدول انه رسالة حرية وتعددية للشرق والغرب"، مشيراً الى انه "يجب ان يكون لبنان حياديّا ناشطا، وعدم دخوله في احلاف ومحاور وصراعات اقليمية او دولية ومنع اي تدخل اقليمي او دولي في شؤونه او استخدام اراضيه، ولذلك يجب تعزيز الدولة اللبنانية كما ارادها الشيخ بشير الجميل بجيش قوي ومؤسسات تخضع للقانون ووحدة داخلية تمكن لبنان من مواجهة اي خطر من اي دولة سواء ​اسرائيل​ او غيرها، وكلنا نتذكر انتخاب الشيخ بشير وكيف انه في خلال 21 يوما انتظمت امور البلد والإدارات والوزارات لقد استعمل شخصيته فقط ولطالما كمن سره في شخصيته لم يستخدم ​السلاح​ او اي منطق ترهيب او تهويل اخر. اين نحن اليوم من هذا الانتظام. كل واحد يفتح على حسابه فنرى العدالة الاختيارية الكيدية الانتقائية والسلاح المتفلّت وغيرها من الشوائب."

وشدد الراعي على "اهمية فك ارتباط قضية لبنان بقضية ​الشرق الأوسط​"، لافتا الى ان "الحل بسيط بتنفيذ القرار 425 والقرارات ذات الصلة، اما حل قضية الشرق الأوسط فهي تستند الى القرار 242، لذلك قضية لبنان لا علاقة لها بقضية الشرق الأوسط، فاين هي ​القضية الفلسطينية​ اليوم وعودة اللاجئين الى ارضهم؟ ما من حل، ولماذا ادخلونا بالقوة في قضية ​الشرق الاوسط​؟ لبنان في حياده لا يدخل في هذه القضية فنحن لا نفاوض اسرائيل بل هناك قرارا دوليا بخروجها من ارضنا، وموقع لبنان الجغرافي بين ​سوريا​ واسرائيل هو مهم ايضا سيما وان الدولتين لديهما اطماعهما في لبنان. لقد صمد لبنان في وجه مشروع اسرائيل الكبرى وسوريا الكبرى ولذلك يريد الحياد ليكمل رسالته وعلى الأسرة الدولية مساعدته ليكون محايدا ليستعيد قيمته ودوره في المنطقة."

ورأى غبطته "ان لبنان مريض ولكن علينا مساعدته والحفاظ عليه لانه كرامتنا ومستقبلنا وتاريخنا وقيمة الحياد الناشط في لبنان انه يولد الإستقرار السياسي وهذا يؤمن اطارا للنمو الإقتصادي. والحياد ينقذ وحدة لبنان ارضا وشعبا ويحيي الشراكة ​المسيحية​ الإسلامية المتصدعة بسبب حروب المنطقة. الحياد يساهم في استقرار وسلام المنطقة. في الماضي كان لبنان خزنة الشرق الأوسط اي ان البلاد العربية كان لديها الثقة ب​المصارف اللبنانية​ اضافة الى المستوى الطبي والإستشفائي والتعليمي العالي المستوى و​السياحة​ وكل هذا يرتكز على حياد لبنان.

وعن امكانية تسمية بكركي لوزراء في ​الحكومة​ اوضح غبطته ان "الكنيسة لم ولا تسمي احدا وليس هذا دورها. وعلى الرغم من ذلك فان احدا لم يسألها رأيها في هذا الإطار"، لافتاً الى ان "الحياد يعيد الى لبنان هويته ودوره ورسالته القيّمة في هذا الشرق".