بعد مرور عشر سنوات على لجوء أكثر من مليون سوري إلى ​لبنان​، لا يوجد حتى هذه اللحظة، نظام شامل ودقيق وشفاف لتعليم التلاميذ السوريين في ​المدارس الرسمية​ اللبنانية، بالرغم من المبالغ المالية الضخمة التي تقدمها الجهات المانحة لدعم العملية التعليمية بكافة جوانبها للتلاميذ السوريين في لبنان.

ومع بداية كل عام دراسي، يظهر التخبط في المدارس اللبنانية المعتمدة لتعليم التلاميذ السوريين، من حيث الاستنسابية في مقاربة مختلف الأمور الإدارية والتربوية من جهة، وأجور كافة العاملين في الدوام المسائي من جهة أخرى.

ومن المؤسف أنه لم يتم التعاطي بجدية مع هذا الملف، ولم يتم رسمياً حتى الآن تحديد الجهات المتورطة في سوء الإدارة وهدر المليارات في برامج تعليم التلاميذ ​اللاجئين​ في لبنان، لا من قبل المعنيين في ​وزارة التربية​ اللبنانية، ولا من قبل الجهات المانحة أيضاً.

إن الاتفاق القائم بين وزارة التربية اللبنانية والجهات المانحة، يقضي بأن تدفع الأخيرة ٦٠٠ دولاراً عن كل تلميذ في فترة الدوام المسائي، على أن تُدفع هذه المستحقات عن كل عام دراسي إلى وحدة التعليم مسبقاً وب​الدولار​الأميركي.

مع الإشارة إلى أنه تم مؤخراً تعديل أجر حصة المستعان بهم بعد الظهر على سعر ٢٠٠٠٠ ل.ل (أقل من ٣ دولار) لكل من المدرس والمدير، و ١٣٥٠٠ ل.ل (أقل من ٢ دولار) للناظر، و ١٥٠٠٠ ل.ل (أقل من ٢ دولار) للمرشدين. هذه الزيادة البسيطة التي أُدخلت على أجر الحصة، اعتبرها البعض "زودة" لإسكات الأصوات المطالبة بتحسين أوضاعها، في حين اعتبرها البعض الآخر حقاً مكتسباً لهم منذ عدة سنوات. مع العلم أن موظفي الوزارة الذين يعملون في وحدة تعليم السوريين يقبضون أجورهم بالدولار.

في ظل هذا الاجحاف الذي لحق بجميع العاملين في مدارس تعليم ​اللاجئين السوريين​، أعلنت لجنة النظار في التعليم المسائي، الإضراب المفتوح، وانضم إليهم لاحقاً المرشدين التربويين والصحيين، مطالبين بتحسين سعر الحصة بما يتناسب ووضع ​الليرة​ و​الاقتصاد​ وقيمة عملهم وتعبهم، وعدم ربط عدد وقيمة الحصص بعدد التلاميذ الحاضرين وحصرها فقط بعدد المسجلين. كما طالبوا بتوضيح موثق في ما خص احتساب قيمة الحصة، خاصةً بعد تقسيم التلاميذ إلى مجموعات، والعمل على دفع ​الأجور​ بمهلة زمنية محددة أقصاها شهر، بعد توقيعها وتسليمها.

فهل ينجح المعنيون بالإضراب في الوصول إلى حقوقهم كاملة بعد هذا الإضراب، في ظل عدم التزام كامل من قبل بعض إدارات المدارس؟ وهل سيُفتح ملف ​الفساد​ المالي في مخصصات تعليم التلاميذ السوريين اللاجئين أم يبقى نائماً مطمئناً بعيداً عن أدراج ​القضاء اللبناني​ (العادل)؟