منذ 21 شباط 2020 تاريخ وصول أول إصابة كورونا الى ​لبنان​، وحتى شباط من العام 2021، سنة مرّت وشهد لبنان خلالها أكثر من إقفال عام، وفي كل إقفال كانت ​قوى الأمن الداخلي​ تسطّر الآلاف من محاضر الضبط بحق المخالفين للإجراءات التي تفرضها لجنة كورونا الوزاريّة. ومع قوى الأمن الداخلي أيضاً سطّرت ​البلديات​ عشرات الآلاف من محاضر الضبط وأرسلتها الى المحافظين، ومن المحافظين ارسلت هذه المحاضر الى القضاء وهناك نامت في الأدراج. وإذا كان من الصعب جداً أن نحصي عدد المحاضر التي سطرتها حوالي 1200 بلدية في لبنان، كشفت ​المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي​ لـ"النشرة" أن العدد المسطّر من قبل عناصرها بحق مواطنين خالفوا إجراءات الإقفال والتعبئة العامّة التي فرضها ​فيروس كورونا​ وصلت الى 164 ألف محضر.

هذه المحاضر تكشف مصادر المديرية انها مقسمة الى قسمين: القسم الأكبر منها وعدده حوالى 134 ألف محضر هو من التي حددت قيمتها بـ50 ألف ليرة والتي كان يمكن على المواطن أن يدفعها إمّا في مفرزة السير أو في فصيلة قوى الأمن وإما عبر "​ليبان بوست​"، والقسم الثاني وعدده حوالي 30 ألف محضر يضمّ تلك التي أرسلت الى القضاء، والتي تصل قيمتها الى 600 ألف ليرة، ومن الممكن أن يحكم القاضي بموجبها على المخالف بعقوبة السجن لشهرين ومن دون يتم الإكتفاء بالغرامة الماليّة.

غرامات القسم الثاني، أيّ تلك المشددة، لم يدفع منها أصحابها شيئاً بعد، ولم يحكم عليهم بالسجن، كذلك أكثريّة غرامات القسم الأول من محاضر الضبط، أيّ تلك المحدّدة بخمسين ألف ليرة، أيضاً لم يدفعها أصحابها. منهم من رمى المحضر في سلّة المهملات، فما كان بالمديريّة العامّة ل​قوى الامن الداخلي​ إلا أن أرسلته الى القضاء للبتّ به فنام في الأدراج الى جانب محاضر القسم الاول، ومنهم من ذهب شخصياً الى القضاء وتقدم بطلب إعفائه من الغرامة. قلّة قليلة فقط من المخالفين دفعت ما عليها، ولأنّ قيمة الضبط هي فقط خمسين ألف ليرة، لم يكن وقع الدفع موجعاً على جيوبهم.

ما أردنا إيصاله من كل هذه الأرقام، هو أنّ محاضر الغرامات بحق المخالفين لإجراءات كورونا لم تصب أهدافها. المخالفون لم يدفعوا ما رتّبته عليهم من غرامات بسبب ​القضاء اللبناني​، الذي يسير ببتّ الملفات كسرعة السلحفاة، نعم نسمح لنفسنا القول كالسلحفاة، لأنّ الإستجوابات أصبحت تحصل اليوم عن بعد ولأنّ محاضر مخالفات كورونا لن تحتاج الى جلسات مطولة كالجنايات، ولأنّ هذه المحاضر لن تتسبّب بتوقيف ولو مخالف واحد ما يعني أنّ الدولة لن تحتاج بسبب هذه المحاضر الى المزيد من الأماكن في السجون.

وما النفع إذا بتّ القضاء بالمحاضر هذه في العام 2022، أي بعد إختفاء كورونا أو محاصرته عبر تلقيح البشرية جمعاء؟ بالفعل هذه المحاضر هي "المسخرة" بحدّ ذاتها، لذلك أصبح البعض من رؤساء البلديات يلجأ الى إقفال المؤسّسة المخالفة بالشمع الأحمر.