ربما وعند قراءتك لعنوان هذا المقال ستتساءل عن فحواه ومعناه، في خضم ما نسمع اليوم عن شتَّى أنواع المقوّيات والفيتامينات، من أجل مناعةٍ أفضل ولتنشيط الخلايا والذاكرة إلخ... ولعلَّك وانت تقرأ ستعتقد بأنَّ هذا المقال يستعرضُ الفيتامينات ومُقوِّماتها والتي اعتدنا تناولها خلال اليوم او بعد الاستيقاظ من ​النوم​... إلَّا أنَّني سأعرض عليكم أنواعًا أخرى، مُختلفة من الفيتامينات والتي يجب تناولها يوميًّا، ومنها في كلِّ لحظة إن أمكن لكي نستمرَّ في سعينا في هذه الأرض إلى ربح الملكوت...

إنَّنا وإذ قد بلغنا زمن ​الصوم​، نتوقَّف لنتأمَّلَ بمعانيه ونستشِفَّ من روحانيَات هذا الزَّمن «مُقوِّيات» و«مُضَّادات» تُساعدنا بالحفاظ على ​سلامة​ صحَّتنا الرُّوحيَّة... فإنَّ الصَّومَ هو ​مسيرة​ شفاء ونقاء وتجدد وإعادة قراءة لمفهوم حياتنا التي باتت سطحيَّة ودعوة للتعمُّق بجوهرِ إيمانِنا والتزامنا به والولوج إلى الاعماق من أجلِ جهادٍ حَسن وصلاة وصدقة وعمل خير، يلمسون عُمق الآخر لأنَّها نابعة من قلوب عرفت كيف تُحبّ وتستثمر هذا الحبّ بعطاءات لا تنتهي وبفَيضٍ يرتدُّ أضعافًا أضعافًا على المُحسنين، خيراتٍ ونِعمٍ وافرة زمنيَّة وأبديَّة، فليس أحدٌ أغنى من المُعطي الحقيقي: ​يسوع المسيح​. وعليه سأعرض عليكم هذه الفيتامينات وأتمنَّى أن تكونوا دقيقين بالمواظبة على تناولها، فهي قادرة على تشديد المناعة الرُّوحيَّة لتساعدنا على خوض معارك الصوم والسَّير وراء السيِّد المسيح المتألم والمُعلَّق على خشبة الصليب فداء وخلاصًا لنا وللعالم

الفيتامينات وفوائدها على النفس والروح

صوم يساوي صلاة وثوق مـحبَّة

الفيتامين الأول والأهم هو فيتامين "ص"، وهو ​الصلاة

يُؤخذ على جرعات، ثلاث مرات في اليوم الواحد: صباحًا وظهرًا ومساء ولا ننسى قبل النوم، إذ أنَّه يخفِّف القلق والضغط يتلاشى معه وهو يضع روحك في تصرف الخالق وفي استعداد دائم للُقياه... ومَن استطاع أن يستحضر الله في كلِّ عملٍ، تحت ناظرَيهِ وببركته، أضحى عمله هذا بحدِّ ذاتِه صلاة

الفيتامين الثاني "و"، وهو وثوق

الوثوق بالله والتَّسليم لإرادته يدفعان ب​الإنسان​ للشعور بالطُمأنينة وهو فيتامين مُتجدِّد ويجبُ عدم الامتناع عن تناوله فهو يضعنا في حضرة الله الدَّائمة ويُسعفنا عند الشدَّة ويمنحنا القدرة على الصَّبر النابع من الثِّقة بالله العليّ وبقدراته اللامحدودة، وبتدبيره وحكمته وهما فوق ​العالم​،

الفيتامين الثالث "م"، وهو المحبَّة،

هي صلب الإيمان المسيحي والوصيَّة الأولى والأخيرة التي ينجلي فيها ومن خلالها الإيمان الحقيقي بالله... ولا نستطيع أن ننسى نشيد المحبَّة للرَّسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل كورنتس الفصل ١٣ الآية الأولى: «لو كنت أنطق بألسنة الملائكة والبشر ولم تكن فيَّ المحبَّة فأنا كالنُّحاس الذي يطنُّ والصَّنج الذي يرنُّ»، والقديسة تيريزيا الطفل يسوع حين تحدَّثت عن الأمور الصُّغرى التي تُصبح عظيمة إذا ما أتممناها بالمحبَّة... إذا بدون محبَّة لا الصَّلاة نافعة ولا الثِّقة كاملة ولا الرُّوح حاضرة لتمتلئ من أجاجين النِّعمة التي أفاضها الرب في عرسِ قانا...

هي فيتامينات ثلاث، إذا واظبنا عليها في هذا الزمَّن ومارسناها كأفعال تعويضٍ وتوبة، ستجعل سفينتنا ترسو في نهاية زمن الصوم على شاطئ ​المحبة​ بمنارة الصلاة ومرساة الثقة بمَن ينتظرنا لحظة الوصول.