في ظل حالة الإستعصاء القائمة على المستوى الحكومي، بدأ التداول في بعض الأوساط السياسية بسيناريو أقل ما يُقال فيه أنه مغامرة غير محسوبة النتائج، لا تأخذ بعين الإعتبار المعطيات المحلية أو الخارجية، يقوم على فرضية تأجيل ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة في العام 2022، مقابل تأجيل الإنتخابات الرئاسية المقررة في العام نفسه، نظراً إلى أن معظم القوى السياسية الفاعلة غير راغبة في الذهاب إلى الإستحقاق الأول، في ظل الظروف الحالية التي قد تقود إلى إختراق حصتها النيابية.

في الأشهر الماضية، كان الطرح هو الذهاب إلى إنتخابات نيابية مبكرة تقود إلى إعادة إنتاج الطبقة السياسية، بعد الزلزال الذي حصل في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، إلا أن هذا الأمر لم يحصل نتيجة عدم التوافق على هذه الخطوة، لتفرض الإستقالات التي حصلت من ​المجلس النيابي​ سؤالاً جوهرياً حول مصير المقاعد التي باتت شاغرة، حيث كان من المفترض الذهاب إلى إنتخابات فرعية في عدد من الدوائر.

تلك الإنتخابات كان من الممكن أن تكون بمثابة إستفتاء غير مباشر حول شعبية بعض القوى السياسية، إلا أن هذا الأمر لم يحصل، نتيجة تفشي ​فيروس كورونا​ المستجد في البلاد الذي يحول دون حصولها، من دون أن يجرؤ أيًّا من المسؤولين على مصارحة الرأي العام بهذا التوجه، خوفاً من التداعيات التي قد تترتب على ذلك، إلا أن الطامة الكبرى، بحسب ما ترى مصادر سياسية متابعة عبر "​النشرة​"، تكمن بأن هناك من يفكر في تأجيل الإستحقاق النيابي في العام 2022، تحت حجة عدم الإتفاق على القانون الذي سيجري على أساسه.

منذ اللحظة الأولى لإغلاق صناديق الإقتراع في العام 2018، بدأ البعض في الحديث عن ضرورة تعديل أو تغيير ​قانون الإنتخاب​، الأمر الذي قاد إلى فتح ​النقاش​ حول هذه المسألة مبكراً، خصوصاً أن هناك قوى سياسية وازنة أعلنت بشكل واضح أن الإنتخابات المقبلة لن تحصل على أساس القانون الحالي، رغم أن الإتفاق عليه جاء بعد سنوات طويلة من النقاش قادت إلى تمديد ولاية المجلس السابق أكثر من مرة، في المقابل كان هناك قوى أخرى ترفض الأمر بشكل مطلق، معتبرة أن المس بقانون الإنتخاب هدفه ضرب التوازنات القائمة في البلاد، لا سيما مع تقديم طروحات تتعلق بإعتماد النظام النسبي على أساس ​لبنان​ دائرة واحدة وخارج القيد الطائفي.

من وجهة نظر هذه المصادر، هذه الطروحات كان الهدف الأساسي منها وضع العراقيل أمام إمكانية إجراء الإنتخابات، نظراً إلى أن رفض الصيغة المقدمة معروف مسبقاً، لا بل من الممكن تفضيل تغيير النظام الحالي برمته على الذهاب إلى إجراء الإنتخابات النيابية على أساسها، وهو ما ترجم من خلال النقاشات التي حصلت في ​اللجان النيابية​ قبل أشهر قليلة، حين أخذ النقاش طابعاً طائفياً حاداً.

بالعودة إلى الأحداث التي شهدتها البلاد في الأشهر الماضية، هناك معادلة لا يمكن إنكارها تكمن بأن قوى الأكثرية النيابية كانت تعتبر أن كل ما يحصل هدفه الإنقلاب على نتائج الإنتخابات النيابية، مقابل حماسة القوى التي تصنف على أساس أنها معارضة لخيار الذهاب إلى الإنتخابات المبكرة، بسبب قناعتها بأن الفرصة متاحة لقلب الموازين النيابية في ظل حالة التململ الشعبي الطاغية.

الجديد اليوم، بحسب ما توضح المصادر نفسها، هو أن الواقع الحكومي الراهن، وفي ظل ​العجز​ عن الإتفاق على ​تشكيل الحكومة​ المقبلة، فتح الباب أمام الحديث عن إمكانية الذهاب إلى تسوية أو مقايضة كبرى، لا سيما إذا ما استمرت حالة الفراغ الحكومي طويلاً، حيث بدأ الحديث في بعض الأوساط عن أن أي تفكير ب​التمديد​ لولاية المجلس النيابي من المفترض أن يشمل ​رئاسة الجمهورية​، على قاعدة أن الفراغ في موقع الرئاسة لن يتكرر، بالرغم من نفي ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ لرغبته في التمديد.

في المحصّلة، ​الأزمة​ الحالية لا تقود البعض إلى التفكير في كيفية إنتاج الحلول الضرورية بل في كيفية الحفاظ على موقعه أو حصته النيابية، بعيداً من التداعيات التي قد تنتج عن ذلك في ظل الرفض الدولي لمثل هذه الخطوة، الذي يتزامن مع إمكانية أن يقود ذلك إلى إشعال الشارع بشكل أكبر من السابق.