إعادة ​تكليف​ ​سعد الحريري​ رئيساً للحكومة ال​لبنان​ية هدفه الأوّل ​تحقيق​ الهدوء الشعبي ريثما تتبلور المتغيرات الإقليمية والدولية مع انتخابرئيس أميركي جديد (​جو بايدن​) يحمل منهجية حكم مغايرة عن سلفه ​دونالد ترامب​.

حكومة الدكتور حسّان دياب وعلى الرغم من عدم الرضى الشعبي الذي حازت عليه، والإخفاقات الكبيرة في ملفات رئيسية اقتصاديةواجتماعية ومالية ونقدية وصحية وأمنية تستمرّ في ​تصريف الأعمال​ مع وجود رئيس حكومة مكلّف غير قادر حتى ​الساعة​ على تشكيلهالأسباب يعزوها إلى مواقف ​رئيس الجمهورية​ حول الحقوق ​المسيحية​ أو الدستورية، كما يختلفان على تسميتها.

في الواقع، العراقيل الداخلية والخارجية أمام ​تشكيل الحكومة​ باتت معروفة والخطاب التجميلي الذي أطلقه رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في ذكرىاغتيال والده الشهيد ​رفيق الحريري​ لم يرقَ إلى مستوى خطورة المرحلة التي يمرّ بها لبنان، فضاع القيّمون على الخطاب، ربما بين دورالحريري كرئيس حكومة مكلّف للإنقاذ، ودوره بالوعود كرئيس تيار حزبي مرشّح للإنتخابات النيابية. في المحصّلة، تشكيل الحكومة معطّلوالبلد إلى الإنهيار الكلّي ورئيس الحكومة المكلّف يتّجه إلى ​الدول العربية​ واليوم إلى قطر.

لبنان منكوب. إفلاس، إنهيار، غضب شعبي، ركود، ​انفجار مرفأ بيروت​، ​كورونا​، رموز في ​السلطة​ ملّ منها الملل. حروب فكرية طائفية تحملمخلّفات حروب وأفكار استعمارية وغزوات اسطورية ومشاريع تدميرية تقابلها حاجة انمائية.

الواقع، لبنان أمام ورشة إعادة إعمار على جميع المستويات. الغرب والشرق والعرب سيشاركون فيها. ​فرنسا​، قطر، ​تركيا​، في طليعة الدولالتي بادرت إلى إبداء الإهتمام في المشاريع التنموية اللبنانية. ولكن، ماذا عن العلاقة الجيواقتصادية اللبنانية-السورية؟ وهل سيتأثر لبنانبالمواقف السورية من اعادة إعمار ​سوريا​؟.

ملف غائب عن الساحة السياسية اللبنانية لسبب جوهري وهو "وضع الملفات الخلافية خارج البحث".

تعاني سوريا من حرب إعادة إعمار بكل ما للكلمة من معنى. حرب تعيق عودة الحياة الى طبيعتها والاستقرار والسيادة على كامل الأراضيالسورية.

يفرض ​المجتمع الدولي​ إصلاحات بنيوية في الداخل السوري منها إبعاد بعض الرموز الرأسمالية عن الحكم، بينما سوريا تعتبر ذلك تدخلافي شؤونها الداخليّة وإقصاء لمكوّنات مجتمعية. النجاحات العسكرية الروسية، الايرانية، السورية تُقابَل بعرقلة اقتصادية و​عقوبات​ أميركيةوإعادة الإعمار في زمن مراوحة.

الوضع مشابه في لبنان. نعم، لبنان انتصر على الإحتلال، ​العدو الاسرائيلي​، ​الإرهاب​ والتقسيم ومشروع نزع ​المقاومة​ وسلاحها منذ ما قبل حرب ٢٠٠٦ وبعدها.

وفشل لبنان في بناء دولة منتجة منافِسة. لا بل أكثر من ذلك، تدمرت عاصمته وأطرافه مدمّرة من التهميش والبؤس والحرمان.

جميع أركان السلطة أخفقوا إذاً، والتسويات والتنازلات الداخلية واجبة كما في سوريا كذلك في لبنان.

تموضعَ ​الرئيس السوري​ ​بشار الأسد​ باتجاه الشرق مع بعض الغرب وبعض العرب، وبدأت مشاريع العقود الاستثمارية الروسية والايرانية والصينيةتأخذ حيزاً كبيراً من قطاعات ​البنى التحتية​ و​الاتصالات​ والنقل، وأعلنها صراحة بأنه لن يكون لمن كان له صلة بمشروع تدمير سوريا دوراً فيإعادة إعمارها.

ماذا عن لبنان؟. لا تموضع لبناني حتى الساعة تجاه أي جهة. لا عقود استثمارية لان الاستراتيجية الوطنية لإعادة الإعمار غائبة.

حكومة حسان دياب​ متقوقعة في شبه الداخل ولا موقف حيال سوريا. رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ما زال يعتبر النظام في سوريا غير شرعي وكأنّ موقف ​الدولة اللبنانية​ الرسمي حيال العلاقاتالسورية اللبنانية لا يعنيه.

بيت القصيد في مسألتين: ​النزوح السوري​ والمشاريع الاقتصادية المترابطة بين سوريا ولبنان كالاتصالات والنقل و​الكهرباء​ وخطوط امدادالغاز و​النفط​ و​المياه​ و​السدود​. لبنان غير معني ببحثها!.

لا في ايجابياتها ولا في سلبياتها. علماً، أن بعضها لن يمرّ دولياً دون الاتفاق عليها مع البلدين أولاً وإقليمياً ثانياً. فمن سيسبق؟ إعادة إعمار سوريا أم إعادة إعمار لبنان؟ واضح أن الأمور متجهة إلى مزيد من التعطيل في لبنان بانتظار التموضع اللبنانيالاقليمي، الواضح غير الملتبس والقائم على الموقف الوطني لا على "تقاسم الاجبان المستوردة" تحت الطاولات وادّعاء ​الصوم​ والعفّة على المنابر. "الخبث السياسي" أسوأ أشكال "​الفساد​" وهم معروفون واحداً واحداً.