لفت مصدر مقرّب من رؤساء الحكومات السابقين، لصحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أنّ "مَن يتّهم رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ بتأخير ​تشكيل الحكومة​، بذريعة أنّه ينتظر الحصول على "ضوء أخضر" من الخارج، يسعى جاهداً إلى صرف الأنظار عن رمي مسؤوليّة التعطيل على رئيس الجمهوريّة ​ميشال عون​، ووريثه السياسي رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​، وإلى حدّ ما "​حزب الله​" الّذي لم يحرّك ساكنًا لإعادة الثقة المفقودة بين الجهات الرئيسيّة المعنيّة بولادتها".

وأكّد المصدر، أنّ "تأخير تشكيل الحكومة يعود إلى أنّ الرئيس عون وفريقه السياسي ليسا حتّى الساعة في وارد التعايش مع تكليف الحريري ب​رئاسة الحكومة​"، مشيرًا إلى أنّ "دعوة الرئيس عون للنوّاب لتحكيم ضميرهم، الّتي جاءت عشيّة دعوتهم للاشتراك في ​الاستشارات النيابية​ المُلزمة الّتي يجريها لتسمية الرئيس المكلّف بتأليفها، لم تكن بريئة، وانطوت على تدخّل مباشر منه، للضغط على النواب، وصولًا إلى تسمية رئيس آخر".

وكشف المصدر أنّ "عون لم يكن مرتاحًا لموقف "​الثنائي الشيعي​" الّذي رشّح الحريري لتولّي رئاسة الحكومة، مع أنّ "حزب الله" لم يسمّه، بخلاف تسميته من قبل رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، الّذي قاتل من أجل تكليفه تشكيل الحكومة، وكان له دور في تعديل مواقف حلفائه باتجاه تسميته، من دون أن يعترض الحزب على تدخّل بري".

وركّز على أنّ "عون وباسيل أثارا في لقاءاتهما بقياديّين من "حزب الله"، في إطار التشاور في عمليّة ​تأليف الحكومة​، مسألة انحياز "الثنائي الشيعي" لمصلحة تسمية الحريري، بدلًا من أن يتناغم معهما ويضغط علي بري لقطع الطريق على تسميته"، مبيّنًا أنّ "حزب الله"، وإن كان امتنع عن ترشيح الحريري، فإنّه في المقابل ارتأى الوقوف على الحياد، لئلّا يترتّب على معارضته ردود فعل تدفع في اتجاه رفع منسوب الاحتقان السنّي - الشيعي".

وتوجّه إلى الرئيس عون، سائلًا: "إذا كنت ترمي المسؤوليّة على الحريري في تعطيل تشكيل الحكومة ولأسباب خارجيّة، فما الّذي يمنعك من الموافقة على التشكيلة الوزارية الّتي سلّمك إيّاها، ولا يزال ينتظر منك الجواب عليها لاختبار مدى جديّته؟ وبالتالي للتأكّد من استقلاليّته في اتخاذ قراره أو رهنه بالخارج؟".

كما شدّد المصدر على أنّ "عون وفريقه السياسي يصرّان على رمي المسؤوليّة على غيرهما، وهذا ما حصل مع حاكم "مصرف لبنان" ​رياض سلامة​، الّذي أُخضع إلى تحقيق في بعبدا عندما التقاه عون، على خلفيّة تحديد المسؤول عن ارتفاع ​سعر الدولار​"، مؤكّدًا أنّ "سلامة يتحمّل بعض المسؤوليّة وليس كلّها، ولكن ​سياسة​ الهروب إلى الأمام من قبل الفريق السياسي المحسوب على رئيس الجمهوريّة باتت مكشوفة، والجزء الأكبر من المسؤوليّة يقع على عاتق مَن يصرّ على "احتجاز" عمليّة تأليف الحكومة".

ورأى أنّ "عون هو من يعطّل تشكيلها بطلب من باسيل"، لافتًا إلى أنّ "هناك انعدام كيمياء سياسيّة بينه وبين الحريري، وهذا ما يلمسه السفراء الأجانب لدى اجتماعهم به، غير آبه للنصائح الفرنسيّة بضرورة سحب شروطه الّتي تؤخّر ولادتها، حتّى إنّ بعضهم يستغرب الانتقادات الّتي يستهدف بها الحريري، وبعضها من "العيار الثقيل".