في الوقت الذي كان من المتوقع فيه أن تنطلق مروحة جديدة من الإتصالات، نتيجة ما حصل في الإجتماع بين ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ ورئيس ​الحكومة​ المكلف المكلف ​سعد الحريري​، في ظل المعلومات عن إنفتاح أبداه الحريري لإعادة وصل ما انقطع مع ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​، بعد الصدمة السلبية التي تعرضت لها مشاورات التأليف، يوم الاثنين الماضي، على خلفية تداعيات اللقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، يبدو أن ​الأزمة​ مرشحة إلى المزيد من التصعيد في الأيام المقبلة.

ما يمكن التوقف عنده من تطورات، هو المعادلة ​الجديدة​ التي أعلن عنها "​التيار الوطني الحر​"، في عطلة نهاية الاسبوع، أي رفضه حصول رئيس الحكومة المكلف على النصف زائد واحد، "لأنه سيستعمله لمنع الإصلاح وتعطيل التدقيق الجنائي وفرملة كل محاولات ​محاربة الفساد​"، مقابل الإعلان المتكرر من جانب تيار "المستقبل" لرفضه حصول رئيس الجمهورية على الثلث المعطل، مع العلم أن الجانبين يعلنان عدم رغبتهما بالحصول على الثلث المعطل أو على النصف زائد واحد، بينما افتتح الاسبوع على سجال جديد بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف.

من وجهة نظر مصادر سياسية مطلعة على مشاورات التأليف، الإتهامات المتبادلة بين الجانبين هي تعبير واضح على عدم القدرة على ​تأليف الحكومة​ في وقت قريب، لا سيما أن العراقيل التي يتم التداول بها ليست منطقية، وبالتالي من الممكن تجاوزها بسهولة في حال كان هناك رغبة في إنجاز هذا الإستحقاق، لا سيما أن تجارب تأليف الحكومات في ​لبنان​ في السنوات الماضية أثبتت هذا الأمر، حيث كانت تبرز العديد من العراقيل التي لا يمكن فهمها، لكن في لحظة ما يتم تجاوزها بطريقة أو بأخرى.

ما تقدم يعني، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها عبر "النشرة"، أن الأزمة الحكومية الحقيقية هي في مكان آخر، يكمن بغياب المؤشرات الخارجية التي تشجع على ولادتها، بالرغم من كل المواقف التي تصدر عن مختلف اللاعبين الإقليميين والدوليين، والتي لا تخرج عن إطار الدعوة إلى الإسراع في التشكيل، سواء كانت عبر التحذير من التداعيات السلبية أو التهديدات بفرض ​عقوبات​ على شخصيات لبنانية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لبنان لا يزال في مرحلة "الكباش" الذي يتخطى الساحة المحلية، حيث أن المطلوب هو فرض معادلة جديدة في البلاد لم يتم التسليم بها من قبل الأفرقاء المعنيين في الداخل، الذين لا يزالون يعتبرون أن قدرتهم على الصمود و​المقاومة​ كبيرة جداً، وبالتالي هم غير مضطرين لتقديم التنازلات الكبيرة في المرحلة الراهنة، خصوصاً أن المنطقة هي في مرحلة مفاوضات لم تعرف نتائجها بعد، لكن الأكيد أنها ستعيد تشكيل موازين القوى فيها بشكل أو بآخر.

إنطلاقاً من ذلك، تعتبر المصادر السياسية المطلعة أن كل السجالات القائمة لا تقترب من حقيقة العرقلة القائمة، بل هي تأتي في سياق سعي مختلف الأفرقاء إلى تحسين أوراق قوتهم الشعبية، من خلال الإستعراضات التي تظهرهم في موقع القوي غير الراغب في تقديم التنازلات بينما الآخرين يريدون السطو على الحقوق والمكاسب، وتضيف: "عندما يحين موعد التسوية التي تأتي بكلمة السر ستغيب كل هذه الأجواء، لتحل مكانها تلك التي تؤكد الحرص على التفاهم والتعاون والوحدة الوطنية".

وتشدد المصادر نفسها على أن المؤشرات الحالية توحي أن الحكومة لا تزال بعيدة عن ​الولادة​، بغض النظر عن التداعيات الإقتصادية والإجتماعية المترتبة، نظراً إلى أن جميع الأفرقاء المحليين غير قادرين على تجاوز العراقيل الخارجية التي تحول دون ذلك، رغم التحذيرات التي تصل من جهات عدة على مبدأو إحتمال ان يكون لهذا الواقع تداعيات على المستوى الأمني، لا سيما ما يتعلق بإرتفاع جرائم السرقة التي تزداد بشكل مرعب، التي يُرد عليها بإطلاق مبادرات من هنا أو هناك.

في المحصّلة، تشير هذه المصادر إلى أن الأيام المقبلة قد تشهد المزيد من التصعيد السياسي بين الأفرقاء المعنيين بالتأليف بشكل أساسي، أي "المستقبل" و"الوطني الحر"، بالتزامن مع دخول حلفاء الجانبين على الخط، لكنها تجزم بأن المشكلة لن تعالج قبل نجاح الإتصالات الخارجية المعنية بالملف اللبناني.