عندما أرجأ رئيس ​محكمة التمييز​ العسكرية القاضي ​طاني لطوف​ جلسة المرافعة في قضية المقدم ​سوزان الحاج​ والمقرصن ايلي غبش من الخميس الفائت الى جلسة تعقد اليوم، وقرر أن يستمع فيها الى إفادة الممثل ​زياد عيتاني​ كشاهد، سأله وكيل الحاج القانوني الوزير السابق ​رشيد درباس​ في دردشة جانبية قائلاً، "حضرة الرئيس، في الجلسة الماضية ختمت المحاكمة ورفعت الجلسة للمرافعة، ثم عدت في جلسة اليوم وقررت أن تعود وتستمع الى عيتاني كشاهد في الجلسة المقبلة، ونحن نتفهم سلطتك الإستنسابية، لكن سؤالنا، هل سنترافع في الجلسة المقبلة بعد الإنتهاء من الإستماع الى إفادة عيتاني"؟ على هذا السؤال، أجاب لطوف بكلمة واحدة، "منشوف" وعندما سأله درباس "شو بدك تشوف يا ريّس"؟ أجاب "حسب الظروف".

في ​المحكمة العسكرية​ الدائمة كما في محكمة التمييز وحتى في المحاكم المدنية، عندما تتحدد جلسة المرافعة فهذا يعني أنها الجلسة الأخيرة التي تسبق إصدار الحكم، فلماذا إذاً كل هذا التردد من قبل القاضي لطوف، وعن أي ظروف يتحدث بعدما أخذت القضية المذكورة أكثر من وقتها، أكان في محكمة التمييز أم قبلها في المحكمة العسكرية الدائمة؟.

داخل كواليس المحكمة العسكرية، هناك جوّ بين المحامين مفاده أن القاضي لطوف الذي سيتقاعد مع نهاية نيسان الحالي، يحاول قدر الإمكان أن يتهرّب من إصدار الحكم النهائي في قضية الحاج–غبش، علّ أن يؤدي هذا التهرب الى تقاعده قبل صدور الحكم، وليحكم من سُيعيّن بعده من ​القضاء​ المدني رئيساً ل​محكمة التمييز العسكرية​، أما سبب هذا التردد فيعود الى الضغوط التي تمارس على القاضي لطوف تارةً عبر مقال صحفي وتارةً أخرى عبر وسائل الإعلام أو التواصل الإجتماعي، الأمر الذي إعتبره القاضي لطوف بمثابة "وجعة راس" هو بغنى عنها في نهاية مشواره القضائي. لماذا الحكم هو بمثابة "وجعة راس" بالنسبة الى القاضي لطوف؟ يجيب المطلعون على الملف، لأن أي براءة قد يعطيها للمقدم سوزان الحاج قد تزعج كثيراً ​فرع المعلومات​ في ​قوى الأمن الداخلي​ ورئيسه العميد خالد حمود، الذي إتهمته الحاج في جلسة سابقة بإخفاء مستندات ومعطيات وأدلة تتعلق بالقضية (فبركة ملف تعامل مع العدو الإسرائيلي للممثل زياد عيتاني)، وقد ساهم هذا الإخفاء بحسب قولها بتوقيفها وللتذكير، فقد قالت الحاج في إفادتها أمام القاضي لطوف، "لو لم يخفِ العميد حمود ولأحقاد شخصية معي منذ 15 عاماً هذه المعطيات والأدلة التي إستحصلت عليها لاحقاً، لما أوقفني قاضي التحقيق العسكري الأول في حينها ​رياض أبو غيدا​ أي في 2 آذار 2018".

من المؤشرات التي تؤكد اكثر فأكثر أن القاضي لطّوف متردّد ويتهرب من هذا الملفّ ويبحث عن طريقة للتخلّص منه بأقل أضرار ممكنة، هو إتصاله برئيس ​مجلس القضاء الأعلى​ القاضي ​سهيل عبود​ وشكواه من مقال صحافي هاجم المحكمة العسكرية وكيف طلب منه عبود إرسال رد الى مجلس القضاء لمناقشته ونشره بحسب الآلية المتبعة مع ​القضاة​، وكيف أنّ لطّوف لم يرسل هذا الردّ بعد والأرجح انه صرف النظر عنه.