ذكرت مصادر أمنية ​إسرائيل​يّة واسعة الاطلاع في ​تل أبيب​ إنّ إسرائيل تنازلت كليًا عن ​سياسة​ الغموض تجّاه ​إيران​، وقدّم رجال استخبارات غير معروفين إحاطات تفصيلية عن طبيعة العمليات ومن قاموا بتنفيذها، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ "هذه هي النقطة التي اختلف فيها وزير ​الأمن​ غانتس مع نتانياهو. ووجه وزير الأمن انتقادًا علنيًا بشأن التسريبات وطلب التحقيق فيها".

وتابعت المصادر "في نهاية المطاف، وفي أثناء عملية "الجرف الصامد" في غزة، تسرب للقناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ وبتوقيت حساس، عرض سري قدمه ​الجيش​ ل​مجلس الوزراء​ حول الثمن المتوقع لاحتلال غزة. بطريقة معينة، لم يتم التحقيق في هذه القضية رغم الطلبات المتكررة".

وشدّدّت المصادر ذاتها على أنّ "المنشورات الكثيرة تخدم الصورة العامّة لنتانياهو كقائدٍ للخطّ الهجوميّ غير المتصالح ضد إيران. ولكن من غير المستبعد أنهم يدفعون إيران إلى نقطة ترى فيها نفسها ملزمة بالرد بصورة أكثر شدة، بهدف الحفاظ على ميزان ردع معين أمام إسرائيل".

وكشفت المصادر النقاب عن أنّ الأجهزة الأمنيّة في ​اسرائيل​ تستعِّد لسيناريو انتقام محتمل من بداية الأسبوع الحالي، قد يشمل إلى جانب المس بسفن يمتلكها إسرائيليون، هجوم سايبر على مواقع حساسة للبنى التحتية، وحتى سيناريو متطرف، بمحاولة شن هجوم دقيق بواسطة طائرات بدون طيار. إذْ سبق أنْ عمل الإيرانيون ضد مواقع شركة "أرامكو" في ​السعودية​ في خريف 2019. وتجنيد ​طهران​ "​حزب الله​" لصالحها تظل الآن احتمالية أقل واقعية. الأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصر الله​، الذي ينشغل ب​الأزمة​ الاقتصادية والسياسية الكبيرة في ​لبنان​، لن يتطوع كما يبدو لهذه المهمة".

وتابعت المصادر، بحسب صحيفة "​هآرتس​" العبريّة، إنّه "في الخلفية لم يتضح بعد سؤال متى عرفت ​الولايات المتحدة​ عن مهاجمة ​السفينة​ الإيرانية و​انفجار​ نطنز. حيثُ رفض وزير الدفاع الأميركيّ اوستن، الذي سُئِل عن ذلك أثناء زيارته لإسرائيل، الإجابة على ذلك، لكنّه أكّد في المقابل التزام إدارة ​بايدن​ بحلٍّ سلميٍّ للمشكلة النووية".

ولاحظت المصادر أنّه "لم يكن بالإمكان تجاهل النغمة الحاسمة والموجزة التي تحدث بها الوزير الضيف عن مشكلة إيران. لم نسمع منه خطابات عن الالتزامات التاريخية للولايات المتحدة بمنع تهديد نووي لإسرائيل. وحتى الزيارة التقليدية في مؤسسة "يد فاشيم" لم تستخرج من اوستن عبر الكارثة المحببة على رئيس الحكومة. لا شك بأنّ نتانياهو الآن في ذروة عملية فطام طويلة ومؤلمة في أعقاب انفصاله عن ترامب".

وأوضحت المصادر أنّ "كلّ شيءٍ كان باردًا وموضوعيًا في هذه المرة. ويمكن التخمين بأن العلاقات ستزداد برودة، إذا تبين أنّ الأميركيين تفاجئوا من حادثة نطنز. في المقابل، مثلما تشير إسرائيل، الانفجار الذي حلّ في المنشأة شلّ، كما يبدو، قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لأشهر كثيرة. بذلك، سحبت من إيران ورقة مساومة رئيسية في المفاوضات مع الدول العظمى على ​الاتفاق النووي​ المحدث، وهذا يساعد الأميركيين".

ولفت الصحيفة الاسرائيلية إلى أنّ "العقيد احتياط اودي افينطال، من معهد السياسات والإستراتيجيّة في المركز متعدد المجالات في هرتسليا، كتب أمس في موقع المعهد بأنّ المفاوضات بين إيران والدول العظمى تكشف موقف ضعف ل​واشنطن​ إزاء الشعور بالإلحاح الذي تبثه بشأن الحاجة إلى التوصل إلى اتفاق". وتابع: "إسرائيل، كما يعتقد، وجدت نفسها في معضلة إستراتيجية، فهل تقود إلى مواجهة علنية مع إدارة بايدن مثلما تصرف نتانياهو مع إدارة أوباما في 2015، أمْ تحاول تعميق التعاون معها في محاولة لتأمين مصالحها الإستراتيجية في المفاوضات".

وحسب أقواله: "تبدو إسرائيل كَمَنْ اختارت بديل مقاربة المواجهة، إذا كانت تقف من وراء العمليات المنسوبة لها ضد إيران". وقد حذّر من أنّ هذه المقاربة، قد تتضح كنسخة ثانية للخطأ الذي حدث قبل ست سنوات عندما لم يستطع خط المواجهة الذي اتبعه نتانياهو منع الأميركيين من التوقيع على الاتفاق. الآن أيضًا، الدول العظمى الأخرى تؤيد موقف بايدن. في هذه الظروف، قد تجِد إسرائيل نفسها في عزلةٍ، وسيتحوّل والتهديد النووي من تحدٍّ عالميٍّ إلى مشكلةٍ إسرائيليّةٍ.