ذكرت "​الشرق الاوسط​" بان "رئيس ​التيار الوطني الحر​ النائب ​جبران باسيل​ اقحم نفسه في اشتباك سياسي مع حليفه الأوحد "​حزب الله​" وحليف حليفه رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​، عندما انبرى للتدخّل في ملف ​ترسيم الحدود​ البحرية بين ​لبنان​ و​إسرائيل​، مقترحاً استثمار الآبار المشتركة في المنطقة البحرية المتنازع عليها بواسطة شركة ثالثة في محاولة لتسهيل معاودة المفاوضات استرضاء لمساعد ​وزير الخارجية​ الأميركية لشؤون ​الشرق الأوسط​ ​ديفيد هيل​ لعله يسهم في رفع اسمه عن لائحة ​العقوبات الأميركية​ المفروضة عليه، رغم أنه أُعلم سلفاً بأن لا صلاحية له في هذا المجال وما عليه إلا اتباع الأصول القانونية لدى السلطات القضائية المختصة في ملاحقته لإعادة تبييض صفحته لدى ​واشنطن​".

وقالت مصادر مقرّبة من "​الثنائي الشيعي​" لـ"الشرق الأوسط" إن باسيل، بطرحه استثمار الآبار المشتركة، حاول أن يوحي بأنه يحمل "وكالة" غير قابلة للعزل تجيز له الدخول على خط الخلاف حول المساحات البحرية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل عبر اقتراحه بأن يكون الخط 29 الذي حددته ​قيادة الجيش​ من خلال ما لديها من إحداثيات هو خط للتفاوض لا للحرب، ما يعني عدم التقيُّد ب​الحدود البحرية​ التي حدّدها هذا الخط وصولاً إلى رسم خط جديد للتفاوض يقع ما بين الخط الذي رسمه الوسيط الأميركي السابق ​فريدريك هوف​ الذي حمل اسمه، وبين الخط الذي توصّلت إليه قيادة الجيش ويتطلّب تعديل المرسوم 6433.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن باسيل حاول أن يقحم نفسه في المفاوضات المتعثّرة لإعادة تحريكها لعل الخط الذي اقترحه يحمل اسمه، وقالت إن باسيل كان اقترح أثناء تولّيه ​وزارة الطاقة​ صيغة تقوم على الشراكة غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان في استثمار المنطقة البحرية المتنازع عليها، وعزت السبب إلى أن مثل هذه الصيغة تنطوي على التطبيع غير المباشر بين البلدين ما اضطر بري للتدخّل بطرحه اتفاق الإطار لبدء المفاوضات محمّلاً ​السلطة​ التنفيذية مسؤولية التفاوض لتظهير الحدود اللبنانية في المنطقة البحرية من دون أن يحدد مساحتها.

وسألت ما إذا كان هيل تلقّف اقتراح باسيل المدعوم بإعادة تشكيل الوفد المفاوض على أن يرأسه من يسمّيه ​الرئيس ميشال عون​، اعتقاداً منه بأنه يحمل تفويضاً يتجاوز الأخير إلى حليفه "حزب الله" ليتبين لاحقاً أن اقتراحه محض شخصي. وكشفت المصادر أن عون تواصل مع بري للتشاور معه في مجموعة من الأفكار لمعاودة المفاوضات، لكن الأخير أصرّ على موقفه بحصر دوره في طرح اتفاق الإطار، وأن الملف بات في عهدة ​الرئيس عون​ والسلطة التنفيذية، وبالتالي ليس لديه ما يضيفه.وأكدت أن عون أوفد لهذه الغاية المدير العام في ​القصر الجمهوري​ أنطوان شقير للقاء بري بصحبة المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​ لكنه بقي صامداً على موقفه ولم يتزحزح عنه قيد أنملة، وهذا ما تبلغه عون لاحقاً من بري، فيما يصر رئيس ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ ​حسان دياب​ على أن تعديل المرسوم 6433 يتطلب إجماعاً وطنياً وأن لا نية لديه لدعوة ​مجلس الوزراء​ للانعقاد لإصدار الصيغة النهائية للتعديل.

لذلك، فإن باسيل أوقع نفسه في "كمين" بحري لأنه لم يقدّر الموقف النهائي لـ"الثنائي الشيعي" وكان يراهن على أن "حزب الله" سيراعيه في اقتراحه واضعاً ملف الترسيم في عهدته ما يدفع بواشنطن إلى رفع اسمه عن لائحة العقوبات قبل أن يكتشف بأن رهانه ليس في محله لأن الحزب ينظر إلى هذا الملف من زاوية إقليمية أوسع من الزاوية التي انطلق منها باسيل لحسابات محلية ضيقة.

كما أن باسيل - بحسب مصادر نيابية بارزة - أوقع نفسه في اشتباك مع حليفه الأوحد "حزب الله" الذي سارع إلى انتزاع وكالة ترسيم الحدود منه لقطع الطريق على الإرباك الذي ألحقه بقيادة الجيش من خلال الوفد المفاوض ب​رئاسة​ العميد بسام ياسين، خصوصاً أن دور الوفد يبقى في حدوده التقنية وأن طرحه لتعديل المرسوم لم يكن من باب المزايدة وقد تبنّاه عون الذي يشرف مباشرة على إدارة المفاوضات. وعليه فإن باسيل لم يحسن تقديم نفسه على أنه المرجع الصالح لتحريك المفاوضات بالنيابة عن عون، رغم أنه سمح لنفسه بتنظيم انقلاب على الوفد المفاوض بإعفاء قيادة الجيش من رئاسته، فيما لم يصدر أي موقف عن عون يعترض فيه على مقترحات وريثه السياسي.

وفي هذا السياق، قالت المصادر النيابية لـ"الشرق الأوسط" إن عون بالتناغم مع باسيل سعى مع بدء المفاوضات إلى تعيين شقير رئيساً للوفد، إضافة إلى تعيين مدير مكتب وزير الخارجية ​هادي هاشم​ ومستشار باسيل عضواً في الوفد، لكنه اصطدم بمعارضة من "الثنائي الشيعي" تمثّلت ببيان مشترك صدر عن قيادتي "أمل" و"حزب الله" وقبل ساعات من انطلاق المفاوضات في 14 تشرين الأول الماضي يعترض فيه على تسييس الوفد، ما اضطر عون الاستجابة لاعتراضه ما أدى إلى إسناد رئاسته للعميد ياسين وبضم ​مدنيين​ في الوفد هما ممثل هيئة قطاع ​النفط​ ​وسام شباط​ والخبير نجيب ​مسيحي​، وذلك للتخفيف من الصدمة السلبية التي قوبل بها عون من جهة، ولمنع إضفاء صفة سياسية على الوفد لئلا يوظّف في سياق تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل.