أوضحت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية" أن "ما ساهم في امتعاض رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ هو الغموض الذي شاب الموقف الفرنسي:

اولاً، لناحية الصمت الفرنسي الكلّي حيال جدول العقوبات التي فرضتها ​باريس​ على شخصيات ​لبنان​ية معطلة للحل في لبنان، ولتشكيل حكومة المبادرة الفرنسية. حيث ساوى هذا الصمت الصالح بالطالح، اذ انه شجّع مجموعة المسربين على ادراج الجميع في خانة معطلي الحل في لبنان، وتعميم العقوبات لتشمل مقربين من الحريري ورئيس التيار الوطني النائب ​جبران باسيل​. والمثير للانتباه في هذا السياق ان باريس ورغم هذا الارباك الذي تسببه الصمت وعدم ​الاعلان​ عن المعاقبين، تركت الامر يتمادى ويتفاعل، ولم يصدر عنها ما يؤكد هذا التعميم او ينفيه.

ثانياً، الصمت الفرنسي المطبق حيال زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان الى ​بيروت​، وعدم التصريح او التوضيح للغاية الحقيقية منها، فحتى الآن كل ما يتصل بالزيارة مبهم. فلا الجانب الفرنسي قال شيئاً سوى ما قاله لودريان عن الرسالة الشديدة اللهجة، ولا احد من افراد الطاقم الحاكم في لبنان من أعلى هرمه الى أدناه يملك ادنى فكرة عن تلك الرسالة ولا عما يوجد في جعبة لودريان، ولا احد منهم محيط باللغز الذي يستوطن هذه الزيارة، ولا بالسر الكامن خلف توقيتها في هذه اللحظة اللبنانية المشتعلة فوق اكوام من الازمات والسيناريوهات السوداء، ولا بماهيّة الهدف الذي يريد الفرنسيون ان يسجلوه في مرمى معطلي الحل في لبنان.

ثالثاً، الصمت الفرنسي المطبق حيال إمكان شمول برنامج لقاءات لودريان، لقاء مع الرئيس المكلف الى جانب ​رئيس الجمهورية​ العماد ميشال عون ورئيس ​مجلس النواب​ نبيه بري. وترك الامور بين هبّة لبنانية تستبعد اللقاء وتتحدث عن رفض ​وزير الخارجية​ الفرنسية اللقاء بالرئيس المكلف، وهبّة لبنانية اخرى تنفي هذا الرفض وتؤكد قيام لودريان بزيارة ​بيت الوسط​ للقاء الحريري.

ولفتت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية" إلى ان "امتعاض الحريري مبرّر حيال خطوة تعتبر مهينة له سياسيا وشخصيا. وكذلك حيال محاولة استضعافه وتصويره طرفا محشورا؛ السعودي يرفضه ولم تعد لديه هوامش يتحرك فيها، وان امامه خيارات محدودة جدا امّا ان يقبل بحكومة وفق شروطهم، وهذا ​انتحار​، وامّا ان يعتذر ويرحل وهذا انتحار ايضا". وأملت "ان تكون كل الالتباسات التي احاطت بزيارة لودريان قد عولجت وزالت ربطاً بحركة اتصالات جرت في ​الساعات​ الاخيرة. فكل الاحتمالات مفتوحة امام الحريري، وتحددها التطورات اللاحقة، كما انّ الحريري قد دخل مرحلة القرار الحاسم. امّا بالاستمرار في تحمّل المسؤولية، واما الذهاب الى الخيارات الصعبة، لقلب الطاولة سواء بخيار الاعتذار عن عدم ​تشكيل الحكومة​، او بخيار ​استقالة​ كتلة ​تيار المستقبل​ من مجلس النواب. وهو ما بدأ نواب من ​كتلة المستقبل​ يجاهرون به علناً".