أكّد الخبير الاقتصادي ​إيلي يشوعي​، في حديث لـ"النشرة"، أن "إعلان حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ أن ​المصرف المركزي​ ليس أساس ​الأزمة​ يبتعد عن الواقع، بل على العكس هو من صلب الأزمة كونه المموّل، وكان بإمكانه أن يضرب يده على الطاولة ولديه القدرة على ذلك، ولكنه للأسف فرّط بودائع الناس بالتواطؤ مع السياسيين، ف​المال​ بيدهم من ​الضرائب​ والديون الخارجيّة، أما الأموال في المصرف المركزي فهي للمودعين".

وحول تأكيد سلامة بأن هناك إمكانية لاستعادة الثقة ب​القطاع المصرفي​، رأى يشوعي أن ذلك ممكنًا ولكن ليس بوجود سلامة، فأولى خطوات استعادة الثقة تكون بتغيير حاكم مصرف لبنان، والوصول إلى ​حكومة​ أكفّاء مشهودٌ لهم بالنزاهة ونظافة الكف والوطنية وألا يكون لديهم ارتباطات مشبوهة، من رئيس الحكومة حتى آخر وزير، مُبيّنًا بأن "الثقة كفيلة بجلب الأموال للمصارف، سواء من الداخل أو حتى من الخارج وخصوصًا المغتربين اللبنانيين".

وشدّد يشوعي على أن "المنتشرين اللبنانيين على أتم الاستعداد ل​مساعدة​ وطنهم ولكن بعد رحيل هذه الطبقة الموجودة اليوم، وفي الداخل هناك العديد من الخطوات الواجب اتّباعها على صعيد الإصلاحات، وإعادة ​أموال المودعين​ من المصرف المركزي".

وأسف يشوعي لاستمرار حاكم مصرف لبنان في اتّباع ​سياسة​ الإنكار، ف​المصارف​ اليوم في وضع إفلاسي والرجل لا يعترف بذلك، ولكن في النهاية ستظهر الحقيقة أمام الجميع، مؤكدًا أن "سلامة منذ العام 1993 لم يُمارس سياسة نقدية صحيحة، بل خرج عن كافة القواعدة النقدية".

من جهة أخرى، تطرّق يشوعي إلى مسألة دفع 25 ألف دولار للمودعين، معتبرًا أن "هذا الإجراء غير عادل، فمن سيحصل على هذا المبلغ سيأخذه من حساب غيره، فالأموال المصادرة المُسمّاة إحتياطي إلزامي تخص جميع المودعين وليس أحدًا دون الآخر، وبالتالي يجب أن تُعاد هذه الأموال إلى أصحابها بنسب وسقوف عادلة ومحدّدة تتناسب مع حجم كل وديعة، مُذكرًا بأن "لا شيء في قانون النقد والتسليف ينص على ضرورة وجود احتياطي إلزامي"، جازمًا بأنّ "إعادة أموال المودعين سيساهم حتمًا بخفض سعر صرف ​الدولار​، وبالتالي التخفيف من الأعباء المعيشية عن كافة اللبنانيين".

وردًا على سؤال حول مشروع قانون الكابيتال كونترول، لفت يشوعي إلى أنه "يجب عدم الإعلان عنه بل أن يتم بطريقة سرية، فاليوم يتحدثون عن القانون بعد أن تم تحويل الأموال الطائلة إلى الخارج، فالسلطات النقدية والسياسية في العادة تستشفّ الأزمات وتقوم بإصدار قانون الكابيتال كونترول كإجراء استباقي، أما اليوم فلا ينفع ​الدواء​ بعد استفحال المرض".

وذكّر يشوعي بأن "أصحاب النفوذ سحبوا أموالهم قبل وخلال الأزمة، وهذه جريمة حقيقيّة وهي مخالفة صريحة لقانون حريّة تحويل الأموال، كون السحب تم بناءً على معلومات حصلت عليها فئة من المودعين فقط"، معتبرًا أنّ "ما يهم مَنْ في ​السلطة​ اليوم هو حماية رؤوسهم، ومن فرّط بـ105 مليارات دولار من أصل 120 مليار، لن يرفّ له جفن بالنسبة إلى الـ15 مليار المتبقية، وبهذه الطريقة ستطير أموال الناس، فالمؤامرة الأساسية هي أنهم يريدون للشعب اللبناني أن يعيش على "الخبزة والزيتونة".