نجحت الرسالة الرئاسية إلى ​المجلس النيابي​ بتحريك ​المياه​ الراكدة بما يخص تشكيل الحكومة، فعاد رئيس المجلس النيابي إلى ممارسة دوره التوفيقي بين الاطراف المعنية بالتشكيل، وحصل على دعم داخلي من الكتل النيابية، ودعم خارجي عربي ودولي، تمثّل بالتأييد العلني والمطلق لسفراء عرب وأجانب لمبادرته التي يعمل عليها لتسهيل ولادة الحكومة.

بعد اكثر من شهر ونصف على توقف كل المساعي الرامية لتشكيل الحكومة، والابتعاد حتى عن التصريحات السياسية في هذا الشأن، عاد هذا الملف إلى الواجهة بقوة، ما يؤكد وجود معطيات جديدة حرّكته، مع تأكيد بري والأمين العام لحزب الله ​السيد حسن نصر الله​ على حقيقة أن الخلافات التي تحول دون تشكيل الحكومة هي داخلية بامتياز.

إن هذا الواقع تُرجم بشكل سريع، إذ تكشف مصادر سياسية مطّلعة أن الاطراف المعنية بالتشكيل أبدت ليونة في التعاطي مع الملف، لم تكن قد أبدتها سابقاً طيلة المرحلة الماضية منذ ​تكليف​ سعد الحريري حتى ما قبل عيد الفطر، وهذه الليونة برزت من خلال تواصل الحريري مع رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ ​وليد جنبلاط​ بعد كلام الأخير عن عدم رغبة السعودية بترؤسه للحكومة، كما برزت من خلال اتصالات بين تيار المستقبل و​التيار الوطني الحر​، ولو بشكل غير مباشر، مشيرة عبر "النشرة" إلى أن هذه الليونة دفعت بالبطريرك الماروني مار بشارة بطرس ​الراعي​ للطلب من رئيس الحكومة المكلّف تقديم تشكيلة حكومية مستحدثة من 24 وزيراً إلى ​رئيس الجمهورية​، مكوّنة من اختصاصيين، وهذا بالفعل ما يعمل عليه اليوم، إذ انه بدأ على وضع هذه التشكيلة.

تُشير المصادر إلى أن حكومة الـ24 وزيراً باتت محسومة، مكونة من ثلاث 8، حتى أن وزارة الداخليّة لم تعد تشكّل أزمة كبيرة، والإتفاق عليها بات سهلاً، مع عدم نفي وجود صعوبات حولها وحول ​وزارة العدل​، كونهما أساسيتان في المرحلة المقبلة، إنما يبقى مسألة تسمية الوزيرين المسيحيين، وهنا سيكون للبطريرك الراعي دوره في إيجاد الحلول لهذه المعضلة، والحلّ لن يكون لصالح طرف على آخر.

تكشف المصادر عن وجود معطيات تؤكد حصول الحريري على ​الضوء​ الاخضر لتشكيل حكومته، مشيرة إلى أن هذه المعطيات تتحدث عن نجاح وساطة عربية بإقناع السعودية برفع "الفيتو" عن الحريري والحكومة المقبلة. وتضيف: "ليس سرّاً أن الدعم العربي ل​لبنان​ لطالما كان مربوطاً بالقرار السعودي، وليس سرّاً أن ​الحكومة اللبنانية​ بحاجة ماسّة إليه لكي لا تتكرر تجربة حسان دياب، وبالتالي فإن هذا الدعم متى توافر سيشكل دفعة قوية لأي حكومة مقبلة".

بحال صحّ هذا الكلام، مع ما نلاحظه في الأروقة السياسية من نوايا طيبة تجاه الوصول إلى حكومة سريعاً، فإن الحكومة لم تعد بعيدة، ولكن هناك شروط أساسية ينبغي توافرها لكي للولادة، منها ما لم يتحقق بعد، وبالتالي فإنّ الأيام المقبلة ستكون كفيلة بتوضيح الصورة، وتبيان النوايا الحقيقية للاطراف المعنيين بالتشكيل، علماً أن حديث رئيس المجلس عن فرصة أخيرة وضيّقة للإنقاذ مردّه للملفات الخانقة التي تدخل مرحلة الإستحقاق خلال 10 أيام، وهذه الملفات داخلية لا علاقة لها بالمنطقة والإقليم.