الدكتور ما هي الخلفيات الكامنة خلف طريقة تعامل «القوات ال​لبنان​ية» مع ​الأزمة​ المتفاقمة، واي حسابات دفعتها الى الامتناع عن المشاركة في ​الحكومة​ المقبلة، والمطالبة بتقريب موعد ​الانتخابات​ النيابية؟

تُتَهم «القوات اللبنانية» من قِبل خصومها بـ«الانتهازية السياسية» لأنّها، في رأيهم، «سارعت بعد اندلاع انتفاضة 17 تشرين الى القفز من المركب المترنح والاستقالة من حكومة الرئيس ​سعد الحريري​، ثم تسلّلت الى ​الحراك الشعبي​ وحاولت استغلاله لخدمة أجندتها السياسية، ورفضت كلياً المشاركة في الحكومة المكلّف بتشكيلها الحريري حالياً، علماً انّها لو قبلت لعولجت عقدة الوزيرين المسيحيين على الفور. والآن ترفع شعار إجراء ​الانتخابات النيابية​ المبكرة فقط للانتقام من «التيار الوطني الحر» الذي انقلبت على التفاهمات معه عندما شعرت انّ اتفاق ​معراب​ لم يعد يناسب مصلحتها».

وفي اقتناع خصوم «القوات» انّ القاسم المشترك بين كل تلك الخيارات هو «التهرّب من تحمّل المسؤولية والمشاركة في أعباء الإنقاذ لحسابات شعبوية ومصالح فئَوية، على الرغم من انّ معراب كانت شريكة في ​السلطة​ ولو بأحجام متفاوتة، أقلّه منذ 15 عاماً، وبالتالي فهي معنية بما آلت اليه عموماً أوضاع البلد وليست ضيفة شرف على الازمة».

تختلف الاستنتاجات كلياً في معراب التي تعتبر انّ مشاركتها في بعض الحكومات كانت لمواجهة ​الفساد​ والاعوجاج من الداخل. وعندما تأكّد لها تعذّر التصويب والتصحيح َخرجت من السلطة حتى لا تكون شاهدة زور. كذلك، تجد «القوات»، انّ ما تسلّمته من وزارات لا يقاس بما حصل عليه التيار الذي استحوذ على اهم الحقائب في مشاركاته الحكومية، «ولذا فإنّ المسؤوليات غير متساوية ولا تصح المقارنة في هذا المجال».

اما بالنسبة إلى الظرف الراهن، فإنّ شخصية قيادية في «القوات» ترى انّ الافضل في هذه المرحلة هو البقاء في موقع المراقب من بعيد، «إذ انّ ما يجري كناية عن حفلة «شدّ شعر» لا ناقة لنا فيها ولا جمل، ومش معروف كف مين في رقبة مين، شو بدنا بهالشغلة».

وتؤكّد تلك الشخصية، انّ «القوات» ليست في وارد تغيير موقفها الرافض للمشاركة في الحكومة المقبلة. وتضيف: «لو اعطونا ليس فقط وزيرين مسيحيين بل كل الوزراء المسيحيين مع الحقائب الوازنة، سنبقى مصرّين على قرارنا، وسنقول لهم: ممنونين ولكن عرضكم مردود».

وتوضح الشخصية إيّاها انّ «القوات اللبنانية» تقارب هذا الأمر من زاوية المثل المعروف «أبعد عن الشر وغنيلو».

واذا كانت معراب من اشدّ المتحمسين للانتخابات المبكرة، الّا انّها تعلم في قرارة نفسها بأنّ إجراءها شبه مستحيل، لأنّ هناك قوى اساسية في الأكثرية الحالية لن تقبل بهذا الطرح، ولن تمنح خدمة مجانية لمن يجاهر علناً بأنّه يريد تغيير هوية هذه الأكثرية.

وتلفت الشخصية القيادية في «القوات» الى انّ خيار الانتخابات المبكرة «اقترحناه ليكون حلاً وليس مشكلة اضافية»، مشدّدة على أنّ «حماستنا لهذا الخيار تنطلق من اقتناعنا بأنّه يشكل فرصة لمعالجة اسباب المأزق الحالي وليس فقط نتائجه، وموقفنا لا علاقة له باستغلال اللحظة الراهنة لانتزاع مقاعد من «التيار الوطني الحر»، لأننا وبكل بساطة واثقون في أنّ ما نستطيع كسبه الآن، نستطيع تحصيل أضعافه في الانتخابات النيابية المقبلة بعد نحو عام».

وتوضح انّ «تقديراتنا للنتائج المتوقعة مسيحياً تستند الى المزاج العام السائد في ​البيئة​ ​المسيحية​، والذي تثبته استطلاعات الرأي، والتيار يعرف اكثر منا حقيقة وضعه، وهو بالتأكيد لديه احصاءاته التي تؤشر إلى تراجعه».

وتعتبر الشخصية إيّاها، انّ التيار في مأزق حقيقي، «ومن المستبعد ان يقدر على الخروج منه قريباً، الّا اذا تشكّلت حكومة خارقة وتدفقت مليارات الدولارات الى لبنان خلال فترة قصيرة، وهذا امر يبدو صعباً جداً في ظل التركيبة الحالية».

وتستبعد ان يكون التيار جدّياً في تلويحه بطلب تقصير ولاية المجلس الحالي لإجراء انتخابات مبكرة، مرجحة انّ اشاراته في هذا المجال تندرج ضمن المناورة السياسية التي ترمي الى الضغط على الرئيس المكّلف سعد الحريري.

وتؤكّد الشخصية «القواتية»، انّ معراب حريصة على الانسجام مع النبض الشعبي، لافتة الى انّ «الناس قرفت ولم تعد تتحمّل الـ»مرحبا» من السياسيين، وبالتالي فإنّ اولويتنا راهناً تكمن في الالتفات الى الواقع الاقتصادي الاجتماعي والاهتمام بهموم المواطنين».