اشار الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وال​سياسة​ الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل الى إن لبنان بلد مجاور، وشريك للاتحاد الاوروبي ونحن قلقون للغاية بسبب الازمة السياسية والاقتصادية التي يواجهها، وأنا اليوم معكم لأعرب باسم ​الاتحاد الأوروبي​، عن تضامننا ودعمنا للشعب اللبناني، وللتعبير عن قلقنا لهذا الوضع أمام السلطة السياسية. ان الاتحاد على استعداد لمواصلة تقديم الدعم للبنان وشعبه، وقد قمنا في العام 2020 بتوفير ثلاث مئة وثلاثين مليون يورو كمساعدات للبنان، اي ما يقارب المليون يورو كل يوم، ووضعنا إطاراً بالتعاون مع الامم المتحدة، لتقديم المساعدات للشعب اللبناني بشكل مباشر.

واشار في تصريح له من قصر بعبدا بعد لقائه الرئيس ميشال عون، الى انه "لدينا طرق وادوات اخرى مختلفة لمساعدة الحكومة اللبنانية، ونحن مستعدون لتحريكها فور حصول تقدم ملموس في ما يتعلق بعملية الاصلاح الضرورية، فنحن لا نستطيع تقديم المساعدة من دون إصلاحات يحتاجها لبنان لتخطي الازمة الحالية. ودعوني أكون واضحاً، نحن كإتحاد اوروبي لدينا الموارد والنية والاستعداد لتقديم المساعدة، ولكن في المقابل علينا أن نرى تقدماً في تنفيذ عملية الاصلاح وتسريعها لتخطي الوضع الحالي. ومثال على ذلك، نحن على استعداد للنظر في القروض وبرامج المساعدة الاقتصادية ودراستها- أي مبلغ مهم من المال- وهي تدابير ستساعد بالتأكيد على إعادة إطلاق عملية نهوض الاقتصاد اللبناني فور تطبيق برنامج الصندوق النقد الدولي."

وتابع بوريل: "سأتوجه برسالة صارمة، باسم الاتحاد الاوروبي والدول الاعضاء، الى كل القادة السياسيين اللبنانيين: إن الازمة التي يواجهها لبنان هي أزمة محلية الصنع، فرضت من الداخل وليس من الخارج او من عوامل خارجية. إنها صناعة وطنية، صنعها اللبنانيون بأنفسهم، وعواقبها على الشعب كبيرة أيضاً. أصبحت نسبة البطالة 40%، وأكثر من نصف الشعب يعيش ضمن معدل الفقر، وهذه الارقام دراماتيكية، وعلى الرؤساء والقادة اللبنانيون أن يتحملوا مسؤولياتهم ويضعوا التدابير الضرورية لتطبيقها من دون أي تأخير. يجب تشكيل حكومة وتطبيق الاصلاحات الضرورية فوراً، فنحن لا نستطيع أن نفهم كيف مضى تسعة أشهر على تكليف رئيس وزراء وانتم من دون حكومة حتى الان. فقط اتفاقية فورية مع صندوق النقد الدولي ستنقذ لبنان من انهيار مالي، ولتجنب هذا الانهيار، يحتاج لبنان الى اتفاقية مع صندوق النقد وليس هناك من وقت لإضاعته. أنتم على حافة الوقوع في الانهيار المالي، ومنذ وقت قصير، تحدثت في هذا الموضوع مع فخامة رئيس الجمهورية، وسأتابع مباحثاتي ومناقشاتي في هذا الامر مع القادة اللبنانيين، كما مع رئيس الحكومة المكلف وأيضاً مع رئيس الحكومة المكلف حسان دياب ورئيس البرلمان نبيه بري."

وتابع: "أؤكد من جديد إستعداد الاتحاد الاوروبي لتقديم المساعدة للبنان وكل ما يحتاجه ​الشعب اللبناني​، ولكن في مقابل كل العقبات الموجودة في هذه الازمة المتعددة الاطراف، سنأخذ بالاعتبار تدابير أخرى كما اقترحت دول اخرى. إن مجلس الاتحاد الاوروبي يدرس خيارات أخرى، من بينها عقوبات مستهدفة، وبالتأكيد نحن نفضل عدم اللجوء الى هذه الحلول وسلوك هذا الدرب. ونأمل ألا نكون مضطرين للقيام بذلك، ولكن هذا كله يعود الى القيادة اللبنانية."

وأضاف:"أود أن اتناول أيضاً موضوع اللاجئين او النازحين في لبنان، لاسيما أن اليوم هو اليوم العالمي للاجئين، واتوجه بالتهنئة الى القيادة اللبنانية للدعم الكبير الذي قدمه الشعب والمجتمع اللبناني للنازحين، وعلينا أن نقدر هذا الامر وهذه الجهود. ونحن ندرك العبء الذي فرضه وجود هؤلاء النازحين في لبنان، إضافة الى غيرهم ايضاً. لبنان كان ملجأ ومأوى لنازحين ولاجئين من دول تواجه الازمات، وهذا يشكل مساعدة إنسانية، وقد عمد الاتحاد الأوروبي، منذ بداية الازمة، الى تقديم الدعم المهم للنازحين وللدول المضيفة، ونحن على استعداد لتقديم دعم أكبر للبنان والاردن وتركيا وكل الدول التي تستقبل النازحين. اننا على ثقة بأن السلطات اللبنانية ستستمر في احترام مبادئ عدم الإعادة القسرية، ونحن نستمر بتقديم الدعم للنازحين وللمجتمعات اللبنانية التي تستضيف الجزء الاكبر من هؤلاء. دعوني اشير الى أن الازمة الاقتصادية التي يواجهها لبنان هي نتيجة سوء الادارة، وليس لها رابط مباشر بمسألة النازحين، فليس من العدل ان نقول بأن الازمة هي نتيجة وجود هؤلاء. وأشدد من جهة ثانية، في ما يتعلق بالموارد اللبنانية، على انه بالرغم من هجرة الادمغة نتيجة الازمة، فإن لبنان يمتلك قدرات بشرية كبيرة، وهذا رأسمال مهم يمكن الاعتماد عليه. وأتطلع الى لقائي مع هيئات المجتمع المدني والناشطين، وليس المسؤولين السياسيين والمؤسسات الرسمية فقط، بل مع الناشطين من المجتمع المدني للاستماع الى رأيهم حول الوضع الحالي والبحث معهم في طرق دعم جهودهم، وأنا أعتقد أن لبنان يمتلك مجتمعاً مدنياً حيوياً. وانا على قناعة بأنه بفضل هذا المجتمع وكل اللبنانيين الذي يناضلون كل يوم لتحسين مستقبل بلدهم، هناك حل لهذه الازمة."

وعن الانتخابات النيابية المقبلة، قال: "يجب حصولها ضمن التاريخ المحدد لها، وعدم تأجيلها. ونحن مستعدون لإرسال فريق مهمة لمراقبة الانتخابات. بالتأكيد في حال وردتنا دعوة للقيام بذلك، وأعتقد ان ذلك سيساعد كثيراً في اتمام العملية الانتخابية للتأكد من أن الانتخابات ستحصل بطريقة تحترم المبادئ الديموقراطية وبطريقة عادلة."

ولفت الى ان على السلطات اللبنانية أن تحقق بانفجار مرفأ بيروت، و"أن يؤدي هذا التحقيق الى نتيجة، ننتظر الوصول اليها منذ عام على وقوع هذا الانفجار. وأود أن أؤكد بأنني في لبنان بصفتي صديق، والاتحاد الاوروبي صديق للشعب اللبناني وللبنان، والاصدقاء الحقيقيون يقولون الامور كما هي، وإذا كان لبنان مستعد لتحمل مسؤوليته، فإن الاتحاد الاوروبي سيقوم بما عليه. نحن بالتأكيد مستعدون لتقديم المساعدة وأن نكون الى جانبكم، وزيادة مساعداتنا. وآمل أن تتسنى لي الفرصة لأقوم بذلك".

واوضح بانه في ما خص المساعدات، لا ارغب في ترداد لائحة الإمكانات التي قدمها الاتحاد الى لبنان، ولكننا نتكلم عن قرابة المليون يورو في اليوم السنة الماضية، ونحن على استعداد لزيادة هذا المبلغ اذا ما تم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. لا يمكننا اطلاق مساعدات مالية واقتصادية اذا لم يكن هناك من اتفاق مبدئي مع الصندوق، ومن المعروف ان الحكومة الحالية لا يمكنها توقيع اتفاق مماثل كونها مستقيلة ولا يمكنها البدء في عمليات اصلاح مطلوبة دوليا، ولكن يجب عليها التحضير لذلك، بطريقة تمكّن الحكومة الجديدة من توقيعه، ولا يمكن لحكومة تصريف الاعمال التعاطي مع مسائل أساسية، إنما تمهيد الطريق كي تدرس الحكومة الجديدة كل ما تم تحضيره في هذا المجال، ويجب العمل على ما يمكن القيام به حالياً. اما بالنسبة الى المساعدات المالية والاقتصادية فهي تعطى للحكومات، ولكننا على استعداد لتقديم مساعدات تذهب مباشرة الى المجتمع المدني. لقد كنت في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، وصدمت بسماع أناس طالبوا بتأمين المساعدات مباشرة الى المجتمع المدني والمواطنين، وقمنا بكل ما باستطاعتنا لتحقيق ذلك. ويجب ان يبقى رقم المساعدات التي قدمها الاتحاد الى لبنان في الاذهان: قرابة مليون يورو في اليوم.

ولفت الى انه في ما خص العقوبات، فهي لا تصنع السياسة، ونأمل عدم الحاجة الى تطبيقها لأن ذلك يصب في صالح علاقاتنا، وهي في المقابل قد تشكل حافزاً للسياسيين ليتحركوا قدماً. ولكن المسألة طرحت وهي قيد الدرس، ولم يتم إقرار أي شيء بعد بشأنها. وزيارتي هذه أتت قبل اجتماع لجنة الشؤون الخارجية للاتحاد الاثنين المقبل في لوكسمبورغ، وهي جزء من الجهود لمعرفة كيفية المساعدة والاستمرار قدماً. وارغب حقاً الا تكون هناك حاجة الى إقرار العقوبات.