أوضح المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​، أنه "كعنوان استشرافي للأزمة التي نعيش، يجب أن نلتفت جيداً إلى أن الأمور أصبحت خطيرة للغاية، فظرف البلد معقّد، والتدهور سريع وشامل، والحلول معدومة أو تكاد، وفلتان ​الدولار​ أخطر من حرب عسكرية، والأزمة السياسية التي تعصف بالبلد تكاد تجعله فريسة الفوضى، ف​القطاع المصرفي​ مشلول- ولا شك أنه سبب كارثي في هذه الأزمة- وفساد ​القطاع العام​ ومزرعة الحصص كشفت عن دولة منهوبة، وبدت عملية توزيع الخسائر غير ممكنة الآن، لأن طبقة المال دولة فوق الدولة، ولا يقوى أحد على محاسبتها أو محاكمتها، لأن المتورطين كثر".

وإعتبر خلال خطبة الجمعة، "أننا في واقع خطير جداً، والمتورطون من أعلى الهرم إلى أسفله، وإن اختلفت النسب، ولا أحد بريء من دم هذا الوطن، ناهيك عما هو أخطر أيها المواطن المخدوع إذ أن من وثقت بهم وائتمنتهم وسلّمتهم على مدى سنوات، ها هي أقنعتهم تسقط الآن لتظهر حقيقة وجوههم المزيفة والمخادعة التي زعزعت الهيكل من دون خجل، والمصرة على تدمير الدولة وإذلال من فيها من خلال الطوابير التي تذكرنا بأسواق العبيد. نعم، بصورة توضيحية، عجز شامل، فقر هائل، موازنات وهمية، دولة مفلسة، إدارات ومؤسسات على آخر رمق، فساد في ​السلطة​ غير مسبوق، أمن مهزوز، كارتيلات في كل القطاعات، حتى العامة انخرطت في هذه الثقافة البشعة، والمنصات السوداء التي تتلاعب بالدولار محسوبة ب​السياسة​ ولها نواطير معروفين".

وحذّر قبلان، من أن "الحالة الإنسانية شارفت على السقوط بفعل هذه الطبقة السياسية المتحللة والفاقدة لأدنى المقومات الوطنية، فكل المناصب والألقاب ليس لها قيمة إلا عندما تكون في خدمة الناس، وقراراتكم الترقيعية وحلولكم التخديرية انفضحت، وعرّتكم حتى من ورقة التين، لقد أدخلتمونا في تسونامي من الفقر والجوع والخوف، وأنتم تتلهون بجنس الملائكة، والمركب تخلّع، وأنتم مستمرون بدفع البلد إلى جهنم".

ووجه تساؤله للسياسيين بالقول:"من أي كوكب أنتم! وبماذا تريدون أن نخاطبكم! وبأي لغة! بالترجي، بالمناشدة، بالتمني، بالتهديد، بالوعيد، يا سلطة، يا حكام، يا عقلاء، يا أصحاب الضمائر، البلد سقط، الناس جاعت، انذلّت، افتقرت، فاحذروا من لحظة غضب شاملة، لأن الاعتقاد بأنه لا قرار بالفوضى إقليمياً ودولياً محل شك كبير. خافوا الله، "يا جماعة فرعون وسقط"، تعقّلوا وتواضعوا قبل فوات الأوان، وغلّبوا مصلحة بلدكم وشعبكم، وسارعوا إلى تسهيل عملية تشكيل الحكومة اليوم قبل الغد، فهي ضرورة ماسة لبقاء لبنان، والتعويل على حكومة انتخابات يعني دفع البلد باتجاه الهاوية أكثر، وحكومة تصريف الأعمال بلا حياة، ولا أدري إن كان ينفعها الإنعاش، ومن الخطأ الفادح أن نعتمدها للانتخابات، و​السلاح​ الأخير لحماية لبنان يبدأ وينتهي بالوحدة الوطنية، ولذلك يجب أن تتنازلوا من أجل مصلحة شعب ومصير بلد، اخجلوا من أنفسكم، وارحموا الناس "إذا عندكم ضمير"، فها نحن على مشارف الأمتار الأخيرة قبل وقوع الكارثة الكبرى، فاستيقظوا من هذا السبات قبل انهيار البلد على رؤوس الجميع".

أما بخصوص لقاء ​البابا فرنسيس​ لقادة الطوائف اللبنانية المسيحية في الفاتيكان، فقد أكّد قبلان "أن لبنان بحاجة ماسة لكل التفاتة كريمة، وبخاصة من جناب البابا، لاسيما في هذا الظرف العصيب الذي دخل فيه لبنان. وعليه، لا يمكن أن نخرج من هذه المحنة إلا بتضافر كل الجهود الخيّرة، التي تعزّز من صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين، وتساعدهم على تجاوز كل العقد والعرقلات التي تعيق مسيرة إحلال ​السلام​ والاستقرار في وطنهم وإفشال كل محاولات إلغاء هذا البلد وإسقاط كيانيته لصالح أجندات التوطين والتطبيع"...مشدداً على "ضرورة حماية هذا العيش ليبقى لبنان بلد شراكة الأديان والإيمان، بعيداً عن لعبة الأمم ومشاريع التدويل، لأن الصواعق السياسية الدولية أكبر مآسي هذا البلد المظلوم".

ولفت سماحته النظر إلى "أن لبنان بحاجة ضرورية إلى تطوير صيغة السلطة والنظام، لأن ما نحن فيه سببه فساد السلطة وفشل النظام، وعلى قاعدة شراكة المسلمين والمسيحيين في "لبنان الصيغة"، لأن القضية كيف نخرج البلد من أزمة الفساد وفشل النظام لا تكريس الفساد وتأكيد الأزمة"، مشيراً إلى أنه "تداركوا نار الجوع وطوابير الذل، ولعبة الاحتكار ودولة التجار وحرب الدولار وهوس السلطة ومجانين الفراغ السياسي، لأن ما نحن فيه من جوع وبطالة وغلاء واستعلاء واستبداد تجاري ومالي وطوابير ودويلات نفط وغاز ودواء وطحين بمثابة صاعق كارثي للفوضى الشاملة والانفجار الكبير".