ما تشاهدونه على وسائل التواصل الإجتماعي من حملات ضد المحقق العدلي في ​جريمة المرفأ​ القاضي ​طارق البيطار​، ليس سوى بداية الحرب التي فتحت عليه وستستمر بهدف الوصول الى نتيجة واحدة، ألا وهي تنحّيه عن الملف والعودة الى النقطة الصفر، وتعليق ​التحقيقات​ الى حين تعيين محقق عدلي جديد (هذا إذا حصل ذلك أصلاً)، وحتى إذا تمّ الإتفاق على قاضٍ ووافق هذا الأخير على تلقي كرة النار المسماة ملف جريمة المرفأ، سيحتاج بالتأكيد الى أشهر لقراءة الملف قبل أن يبدأ بإتخاذ قرارات فيه، كالبت بإخلاءات السبيل والإدعاء على اي رئيس أو وزير أو موظف.

هذه الحرب على القاضي طارق البيطار "لها اسبابها" يقول المطلعون على ملف التحقيقات، ولعل أبرز هذه الأسباب، تأكيد المحقق العدلي في مجالسه الخاصة أن إعتذاره عن السير بالملف من خلال تنحّيه، لأمر غير وارد في قاموسه على الإطلاق وفاءً لدماء الشهداء والضحايا والجرحى وللمآسي التي لحقت بالمتضررين والمشردين من منازلهم بسبب جريمة العصر التي هزت العالم. وهنا يضيف المطلعون، "عندما نقول في مجالسه الخاصة، يعني أن القاضي البيطار أراد، وإنطلاقاً من مقولة "ب​لبنان​ ما في شي إلا ما بيوصل" إيصال رسالة الى جميع المسؤولين ولو بطريقة غير مباشرة، مفادها أنه لن يتأثر بالضغوط التي ستمارس عليه من قبلهم ولن يتنحى قبل أن يصل الى إصدار قراره الظني وإحالته على ​المجلس العدلي​ لبدء المحاكمة.

ما لم يقله البيطار عن التحقيقات التزاماً بموجب التحفظ القضائي، سيقوله في القرار الظني الذي وبحسب المصادر القضائية لن يصدر كما تردد بالتزامن مع ذكرى الرابع من آب، بل يحتاج الى فترة زمينة قد لا تقل عن الشهرين، لإستكمال إستجواب الرؤساء والمسؤولين والقادة الأمنيين الذين علموا بدخول نيترات الأمونيوم الى لبنان وبتخزينه في المرفأ بالطريقة غير المسؤولة في العنبر رقم 12 الى جانب المفرقعات وفتائل الديناميت ومادة الميتينول السريعة الإشتعال، وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن البيطار في صدد التحضير للائحة جديدة من الإدّعاءات والملاحقات وقد تضم هذه اللائحة أسماء كبيرة تعود لرؤساء حكومات غير حسّان دياب ولقضاة كبار.

أيضاً وأيضاً من ضمن الأسباب التي دفعت بالمنظومة السياسية المتحكّمة بالبلد الى شنّ حرب ضدّ المحقّق العدلي عبر جيوشها الإلكترونية، يأتي عدم إطلاع البيطار أياً من السياسيين أو المسؤولين على تفاصيل التحقيقات وما يقوم به أو يعده من ملاحقات وإدعاءات، وعلى هذا الصعيد يقول المقربون منه "ليس صحيحاً على الإطلاق ما تم تسريبه منذ أيام عن أن المحقق العدلي وقبل أن يصدر قراره الأخير بملاحقة رئيس الحكومة وعدد من الوزراء والقادة الامنيين السابقين، أطلع شخصيتين سياسيتين على الملف، ومن سرّب خبراً مفبركاً كهذا قام بذلك بإيعاز من أحد أبرز الملاحقين من قبل القاضي البيطار".

نعم مشكلة طارق البيطار أنه لا يشبههم، لا يفكّر مثلهم، ولا يرد على إتصالاتهم. مشكلتهم معه أنه لا يريد التنحي قبل الوصول الى الحقيقة، وهذا ما لا يريدونه على الإطلاق.