بعد محاولات عديدة فاشلة للتخلص من مشهد طوابير "الذل" على محطات الوقود، تم النجاح جزئياً في هذا الأمر، ونقول جزئياً لأن غياب الطوابير في بيروت وضواحيها، لا يعني توافر المحروقات في كل المناطق اللبنانية، ففي الجنوب على سبيل المثال لا تزال أغلب المحطات مقفلة، والمازوت مقطوع عن المولدات، وقرى عديدة تنام على "العتم".

لم تُحل مشكلة توزيع المحروقات بعدل على اللبنانيين، ولا تزال الشكوك موجودة بشأن استهداف شرائح لبنانيّة معينة من خلال حرمانها من المادة، هذا ما تقوله مصادر متابعة للملفّ، مشيرة إلى أنه ليس منطقياً توقّف التوزيع بعد صيدا باتّجاه الجنوب، وليس منطقياً تسليم محطّات الجنوب أقلّ من ثلث حاجتها، كاشفة أن الأزمة التي تحلحلت في مناطق كثيرة، تأزمت في الجنوب.

لا تنفي المصادر وجود مخالفات في هذا الملف في كل المناطق، كالتخزين والإحتكار، ولكن الازمة في الجنوب هي بشكل أساسي عدم وصول المحروقات، وبالتالي قد لا يشعر الجنوبيون بالراحة خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وهي الفترة التي يُتوقع أن تستمر فيها "الراحة" بسوق المحروقات قبل العودة للأزمات.

لن يستمرّ فتح الإعتمادات للمحروقات على أساس سعر 3900 ليرة للدولار الواحد كما هو الحال اليوم، خاصة أن لا بوادر إيجابيّة بعد بشأن البطاقة التمويليّة واقتراب اعتمادها، وبالتالي فإن فترة الأشهر الثلاثة التي وافق عليها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قد تطول، وهو ما لن يقبل به الأخير، إذ تكشف المصادر أن الامور تتجه نحو رفع إضافي للدعم، ما يجعل سعر صفيحة البنزين في مرحلة مقبلة يصل إلى حدود 125 ألف ليرة لبنانية.

إن أزمة المحروقات ليست الوحيدة التي تهدّدنا قريباً، فهناك أزمة فيول للكهرباء أيضاً، إذ بات معلوماً أن سلفة الـ200 مليون دولار التي أقرّها المجلس النيابي لمؤسسة كهرباء لبنان في شهر نيسان الماضي اقتربت من نهايتها، والأموال تكفي حتى نهاية الشهر الجاري، وهذا ما يعني أن الحاجة باتت ماسّة للحصول على النفط العراقي، فماذا في جديد هذا الملف؟.

تكشف المصادر أن الأمل اللبناني بالكهرباء بات معقوداً على وصول النفط العراقي، مشيرة إلى أن الإتفاق أنجز، ولم يبقَ سوى توقيع العقد، وهذا ما سيحصل هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل في بغداد التي سيزورها وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر.

وتضيف المصادر: "ينصّ الإتفاق على حصول لبنان على مليون طن من النفط الأسود على 5 أشهر، مقابل منتجات زراعيّة وخدمات طبّية، وسيتمّ الاعتماد على طريقة التبادل مع إحدى الشركات التي تأخذ النفط الأسود وتعطينا مقابله الفيول اللازم لتشغيل معامل الكهرباء"، مشيرة إلى أنّه يفترض بأولى البواخر أن تصل الى لبنان مطلع شهر آب المقبل، وهذا ما قد يشكل المنقذ لحالة الكهرباء.

سنوات طوال ولا نزال نعيش نفس الأزمات، وكأنّها مستحيلة ومستعصية على الحلول، وهذا بكل تأكيد غير صحيح، فهي بسيطة ولكن القيّمين على الحلول لا يريدون لها أن تُحل.