لم يكن إنتشار خبر استدعاء المحامي العام التمييزي القاضي جان طنوس لحاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​ في الخامس من آب لاستجوابه بشأن شبهات اختلاس وغسيل أموال وتهرب ضريبي بالعادي، ولا شكّ أن الخطوة التي قام بها طنّوس و​النيابة العامة التمييزية​ متقدمة، ولو أنها متأخرة في وقت سبقت فيها النيابة العامة السويسرية ​القضاء اللبناني​ بأشواط.

في كانون الثاني من العام 2021 أرسلت النيابة العامة السويسرية مراسلة الى القضاء اللبناني تضمّنت مجموعة بنود منها أن سلامة نظّم عمليات "اختلاس" أموال، بما يقدر بأكثر من 300 مليون دولار على نحو مضرّ بمصرف لبنان​ من خلال توقيعه على عقد مقدم من شركة FORRY ASSOCIATED LTD في جزر فيرجين البريطانية، ويبدو أن الأموال قد تحوّلت الى حسابات في ​سويسرا​ قبل غسلها بسبل شتى، منها تحويلات من حساب الى آخر مع تغيير صاحب الحق الاقتصادي أو الاستثمارات في العقارات في سويسرا والخارج، ولا سيما ​بريطانيا​ أو الاستثمارات في السندات الماليّة في سويسرا أو الخارج. يومها وبحسب تأكيد مصادر مطّلعة فإن القاضي جان طنوس الممسك بالملف فتح تحقيقا موازياً للتحقيق في سويسرا، ومن المفترض أنه توصّل في تحقيقاته الى خيوط معيّنة أو "أدلّة" إذا صحّ التعبير، حتى قرّر استدعاء حاكم المركزي الى جلسة استجواب".

في الخامس من آب 2021 أي اليوم هو الموعد المعيّن لاستجواب سلامة، ويؤكد النائب العام التمييزي القاضي ​غسان عويدات​ لـ"النشرة" أنّ "الجلسة قائمة في موعدها ولم يصار الى تأجيلها، كذلك لم نتبلّغ من سلامة اعتذاره عن الحضور"... إذا، يفترض أن يمثل سلامة أمام طنّوس دون الافصاح عن التوقيت لدواعٍ أمنية، فما هي السيناريوهات التي يُمكن أن تحدث؟.

تشرح مصادر مطلعة عبر "النشرة" أن "اجراءات عديدة يُمكن أن يلجأ الى اتخاذها القاضي طنّوس، وفي خطوة تعتبر أهمّ وأبعد من توقيف سلامة، هو تفريغه من المعلومات الماليّة التي بحوزته منذ العام 1993 الى اليوم، وأسماء المستفيدين من العمليّات والتحاويل الماليّة اضافة الى الهندسات الماليّة والتلاعب الذي كان يحصل طيلة الفترة السابقة، خصوصاً وأنّ الرجل هو من الأقوى في الدولة اللبنانيّة وهو الرجل النقدي الأول في لبنان وبحوزته كلّ "الأسرار".

في نفس الوقت تتوقّع المصادر أن تصطدم جلسة الاستجواب باضراب نقابة المحامين إذا لم يحصل استثناء، مشيرةً الى أنه "وحتى إذا لم تؤجّل النيابة العامة الجلسة فإن سلامة سيحضر ومعه محاميه ليشير الأخير الى أن النقابة أعلنت الإضراب وبالتالي حكماً تؤجّل الجلسة"، معتبرة أن "سلامة لا يجب أن يستفيد كما غيره من الاضراب والدفوع الشكليّة".

طبعاً، الكارثة التي ألمت باللبنانيين وما عاشوه منذ 17 تشرين الأوّل 2019 ستتحدث عنه الأجيال، لا سيّما لناحية تهريب المليارات الى الخارج، وتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار وعدم معرفة مصير الودائع في المصارف، ويبقى الأساس توقيف سلامة وهذا ما يتمناه كلّ لبناني خسر جنى العمر، فهل يتجرّأ القاضي طنوس ويفعلها؟ أم تضيع العدالة بالشكليّات كالعادة؟!.