لم تكن صدفة زيارة رئيس الحكومة ​الأردن​ية الى ​بيروت​، كأول زيارة رسمية عربية الى ​لبنان​ بعد تشكيل الحكومة، فمن يراقب الخطوات الأردنيّة التي تحصل في الآونة الأخيرة يعلم حجم وسبب إهتمام الأردن بالوضع اللبناني.

تهتم عمّان كثيراً بالنافذة الأميركية التي فُتحت بالمنطقة، وتسعى لاستغلالها الى أقصى الحدود، فهي ترغب باستعادة العلاقات الطبيعية مع ​سوريا​، لذلك أعادت فتح ​معبر جابر​ معها بعد أن أقفلته بداية الصيف الماضي بحجة الاوضاع الأمنية، كما أنها تحضّر لعودة الطيران الجوّي مع ​دمشق​ رغم أن الأميركيين أكدوا عدم علمهم بهذه الخطوة مسبقاً، ومن هنا يجب مقاربة الموقف الأردني من بيروت.

تعتبر الأردن من أشد المرحبين بتصدير ​الكهرباء​ الى لبنان عبر سوريا، لان في ذلك فوائد مشتركة اقتصادية ولكن سياسية بشكل أساسي، فهي تعني عودة وزرائها الى دمشق، والعكس، خاصة بعد افتتاح الزيارات الوزارية بين البلدين من خلال الخرق الّذي حصل من طرف وزير الدفاع السوري الى عمان منذ شهر تقريباً، وفي هذا السياق ترى مصادر نيابية متابعة أن الأردن يُنجز واجباته السياسية بشكل ممتاز على عكس ​الدولة اللبنانية​ التي تتحكم بمصالحها، مصالح السياسيين، فتبقى المقاربة للملف السوري قائمة على ما يعنيهم وما يهمهم هم لا ما يهم الدولة اللبنانية.

تطرق المسؤول الأردني خلال الزيارة الى ملفّات اقتصادية وسياسية أساسية على رأسها ملف ​الغاز​ المصري واستجرار الكهرباء، حيث تُشير المصادر الى أن الأردنيين لديهم الاستعداد لنقل الكهرباء فور توافر الظروف اللوجستية، الأمر الذي يحتاج الى شهرين أو ثلاثة على أبعد تقدير، أما بالنسبة الى الكميات فكان التأكيد الأردني أن الحكومة مستعدة لبيع كل الكمية التي يحتاجها لبنان ولكن العائق هو بالقدرة الإستيعابية لخطوط النقل.

وتضيف المصادر: "في الفترة المقبلة سنسمع أكثر بالمملكة الأردنية، كذلك جمهوريّة مصر، فبالنسبة الى الأولى هناك اتفاق على تفعيل عمل لجنة مشتركة بين الأردن ولبنان، لدراسة الإتفاقيات السابقة بين البلدين وسبل تحريكها، كما إمكانية إقرار اتفاقيات جديدة، تحقق المصالح المشتركة"، مشيرة الى أن الأردنيين سيشكلون طريقاً، وسوقاً مهماً للصادرات اللبنانية.

كما الأردن، كذلك مصر، فالدولة العربيّة العائدة بقوة الى الساحة العالمية مصرّة على تثبيت وجودها في لبنان، وهذا ما يحصل اليوم من خلال مجالات الطاقة والفيول، فبعد سريان مشروع استجرار الغاز المصري الى الشمال، فهناك مشروع آخر سيسعى لبنان للإستفادة منه، هو ملف شراء الفيول المصري على الطريقة العراقية، وتكشف المصادر أن الملف اللبناني بهذا الخصوص أصبح شبه مكتمل، والمعلومات الاولية تُشير الى أن المصريين سيكونون على استعداد للموافقة على طلب لبنان بهذا الشأن، علماً أن مصر كانت عرضت خدماتها سابقاً بما يخص استبدال ​النفط العراقي​.

حتى اليوم يمكن القول أن الأردن ومصر هما الأكثر وقوفاً الى جانب الحكومة الجديدة بعد تشكيلها، ولكنهما لن يكونا لوحدهما، فقريباً ستنضم إليهما الكويت وقطر، وبحسب المصادر فإن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لجهة المواقف العربية من لبنان، اما بما يتعلق بالموقف السعودي فيجب النظر الى الأزمة اليمنيّة التي تملك فرصة للحل اليوم، فبناء على مسار تلك الأزمة يؤخذ الموقف من لبنان.