لفت الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، إلى أنّ "الأحداث الأخيرة الخميس الماضي، أحداث مهمة وخطيرة ومفصلية وتختلف عن كثير من حوادث مشابهة قد تكون قد حصلت مؤخرًا"، مبينا أن "هناك من يصنع لاهلنا وجيراننا في المناطق المجاورة للضاحية الجنوبية لبيروت عدوا وهميا دائمًا".

وأوضح أنّ "المسيحيين في لبنان هم المادة التي يتم العمل عليها لزعامة شخص وهيمنة حزب وخدمة مشاريع خارجية، وبالتحديد أتحدث عن حزب "القوات اللبنانية" ورئيس هذا الحزب سمير جعجع"، مركّزًا على أنّه "عندما يخاطب رئيس هذا الحزب عموم المسيحيين في لبنان، يتركز كل الجهد والخطاب على أن المسيحيين في لبنان يجب أن يبقوا في دائرة الذعر والخوف والقلق على وجودهم وحريتهم وشراكتهم، ويتم استغلال أي حادثة صغيرة لاثارة مخاوف المسيحيين".

وأكّد السيد نصرالله أنّ "ما حصل يوم الخميس، هو مفصل لمرحلة جديدة في التعاطي مع هذا الموضوع في الشأن السياسي الداخلي"، مشيرًا إلى أنّ "منذ خروج جعجع من السجن وهو يبحث عن عدو، والعدو الذي يمكن أن يعمل عليه ويبني بازارا وتجارة عليه مع دول اقليمية كان "حزب الله"، ويحاول اقناع المسيحيين أن هذا هو العدو الذي يريد اجتياح مدنكم وتبديل هويتكم". ورأى أنّ "البرنامج الحقيقي لحزب "القوات اللبنانية" هو الحرب الاهلية لاقامة كانتون مسيحي يهيمن هو عليه ولا مكان فيه لأحد آخر".

وشدّد على أنّه "ليس لديهم مشكلة في افتعال أحداث تؤدي الى دموية، لأن هذا الأمر يتم توظيفه بخدمة الهدف حتى لو كان ذلك سيجر الى صدام عسكري واسع أو الى حرب أهلية لا مشكلة لديهم"، لافتًا إلى أنّ "كل المواقف الصادرة عن حزب القوات من بيانات وجلسات خاصة وتعبئة تؤكد هذا المعنى وهو ما ينسجم مع التسليح والتدريب والهرمية أي هناك ميليشا قائمة".

وعرض للأحكام القضائية "التي أدانت جعجع بجرائم القتل التي حوكم على أساسها ودخل السجن، ولكن بعد خروجه، وبهدف منهم لإيجاد عدو واختراعه، خاصة بعد خروج سوريا والفلسطينيين، فكان أن اعتبر حزب الله عدوا له، خاصة وأن حزب الله مستهدف اميركيا وخليجيا، وهذا يسهل على القوات اللبنانية تخويف المسيحيين، وصولا الى المسخرة عندما قال أن حزب الله يريدون إلباس المسحيين العباءة".

وأعلن نصرالله أن "القوات اللبنانية قتلت يوم الخميس الماضي أول ثلاث شهداء وكانوا من حركة أمل، ولكن القوات لا تركز إلا على حزب الله". ملمحا الى وجود تدريب وسلاح وهيكلية لدى القوات، فضلا عن نواياهم باحداث القتل حتى لو جرت الى فتن". وخاطب اللبنانيين والمسيحيين خاصة قائلا: "ان البرنامج الحقيقي للقوات اللبنانية هو الحرب الاهلية، وتهجير المسيحيين وحشرهم ضمن غيتو كما أحلامهم في الحرب الأهلية سابقا"، مستذكرا "ما قدمته القوات في العام 2017 للسفير السعودي وأثناء سجن رئيس الحكومة يومها سعد الحريري، من استعداده لحرب أهلية".

وتابع: "الذي دافع عن الحريري هم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله وجزء من تيار المستقبل وليس كلهم. في حين غدر بالحريري يومها، القوات اللبنانية ورئيسها". وتحدث عن معلومات قال إنه يثق بمصادرها أن "القوات ورئيسها يعملون على اقناع فرقاء في الاشهر الماضية على الدخول بمواجهة مع حزب الله لأنه ضعيف على ما قاله رئيس القوات". وأكد على "اتهامه القوات بأن خطابهم لا يتجاوز لغة الحرب الأهلية، ومن هنا أقدموا على مجزرة الخميس الماضي".

وكشف نصرالله عن "معلومات بأن تحركا وتحضيرات مسلحة قبل ليلة من مجزرة الخميس، وقد أبلغنا قيادة الجيش بذلك". واعتبر "أن كل ما صدر عن رئيس القوات ونوابه واعلامه هو تبن للمجزرة، واصفا تحريضهم بالوهم"، مبينا "أننا يوم الخميس سلمنا رقابنا ودماءنا للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية". وجزم أن "تقديم حزب الله أنه عدو هو ظلم وتجن، وليس حزب الله وليست حركة أمل ولا الشيعة أعداء للمسيحيين".

وتطرق الى أيام دخلت داعش الى جرود عرسال والحدود الشرقية، مشيرا إلى أن "القوات اللبنانية هي من عملت على تأمين المواد والدعم لحركة داعش". وطالب المسيحيين بـ"سؤال المسيحيين في قرى المسيحيين الموجودة في سوريا عن كيفية تصرف حزب الله وتعاطيه مع هؤلاء المسيحيين، ومن حافظ على وجودهم؟ أليس حزب الله؟ وليس القوات اللبنانية".

وشدد على أن "حزب الله هو الذي دافع عن القرى المسيحية والحدودية في البقاع وبعده جاء الجيش اللبناني، لأنه كان ممنوعا بقرار أميركي على الجيش اللبناني أن يحرر تلك المناطق". كما استذكر "ما حصل العام 2000 يوم تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي"، وقال: "عندما بدأ الاسرائيلي ينسحب، يومها كان بامكان حزب الله وحركة أمل أن يدخلوا الى جزين مثلا، ولكن كان قرارنا مع الرئيس بري بمنع الدخول من الحزب والحركة الى جزين وذلك لتطمين المسيحيين". وشدد على "بقاء المسيحيين يومها في قراهم معززين ومكرمين، وفي حين أننا سلمنا العملاء للقضاء اللبناني".

وزاد: "دخلنا يوم التحرير في 25 ايار الى القرى الحدودية فهل تم تهجير أحد، أو أحرقت كنائس؟ ولم نعمل محاكم ميدانية بحق العملاء، بالرغم من أنهم قتلونا وسجنوا أولادنا"، لافتا إلى "أننا تصرفنا بكل انسانية لأنها أخلاق ديننا، والدليل أنه منذ العام 2000 لم تحصل أية حادثة أو اعتداء لا على القوات ولا على غيرهم".

وخاطب الأمين العام لـ"حزب الله" المسيحيين في لبنان، قائلا: "رئيس القوات اللبنانية يريد أن يقدم لكم أن حزب الله يريد اجتثاثكم، ولكن هذا ظلم واعتداء ولغم كبير بالبلد". وأعلن أن اكبر تهديد للمسيحيين وأمنهم هم القوات اللبنانية ورئيسها". وسأل المسيحيين: "أين كنتم ستكونون لو أن داعش نجحت في مشروعها؟ لم يكن ليبقى خوري أوكنيسة أو مسيحيين". وشدد على أن "تحالف القوات مع داعش هو أكبر تهديد للمسيحيين، وما عليكم سوى متابعة أوضاع المسيحيين وهم قلة ممن بقوا في العراق بعد أن هجرتهم داعش وعملياتها الانتحارية".

ثم انتقل الى الحديث عن تفاهم شباط في كنيسة مار مخايل بين حزب الله وبين الرئيس عون. ووصف تلك الخطوة بأنها "انفتاح من الحزب على فئة مسيحية واسعة، ولكن كانت القوات اللبنانية أول من قام بتخوين هذا التفاهم، لأن رئيس القوات لا يريد أي انفتاح بين المسيحيين والمسلمين، ولأن هذا التفاهم عمل على الغاء خطوط التماس". وأضاف: "على النقيض من ذلك عندما حصل تفاهم معراب بين القوات والتيار الوطني الحر لم نعترض بكلمة لأننا معنيون بالسلم الأهلي".

وايد "الحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، موضحا أن لا حزب الله ولا حركة أمل ولا أي شيعي طرح مسألة المثالثة، والتي كانت من طرح الفرنسيين على الايرانيين ونحن لم نقبل بها عندما تم عرضها علينا، ولم نتكلم بها". كما عرض لقانون الانتخاب وقال: "نحن كرمى لعيون المسيحيين مشينا بقانون الستين، ثم عندما قيل انه لا يؤمن التمثيل الطائفي وتم طرح القانون الارثوذوكسي قبلنا به ولكن القوات نسفته".

وتابع: "القانون الحالي الذي حصلت على أساسه الانتخابات الماضية وأدت الى أفضل تمثيل للمسيحيين، وللعلم بأنه لولا حركة أمل وحزب الله لم يكن ليمشي القانون". وأكد أن "حزب الله عامل ايجابي ولم يكن معرقلا في المحطات الأساسية". ووصف "تأييد حزب الله لانتخاب الرئيس عون بأنه وفاء له وثقة به ولم نضع أي شرط". وألمح الى "الحساسية المفرطة بين التيار الوطني الحر وتيار المردة في الفترات السابقة ومع ذلك نزل سليمان فرنجية الى البرلمان وأنتخب الرئيس ميشال عون. وهذا من اخلاقياته".

ونصح نصرالله، القوات اللبنانية ورئيسها بـ"التخلي عن فكرة الاقتتال الداخلي والحرب الأهلية"، متمنيا على المسيحيين أن "يقنعوه بأن اي اقتتال داخلي عليه أن ينزعه من رأسه لأن حساباته غلط". وعرض لـ"المعلومات التي ذكرها رئيس القوات اللبنانية لاقناع حلفائه السابقين في احدى الجلسات للدخول بقتال حزب الله لأنه ضعيف، وأن القوات أقوى مما كانت أيام رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل".

وقال موجها كلامه لرئيس القوات اللبنانية من دون أن يسميه: "أنت غلطان وحساباتك غلط". وتابع: "أنا مضطر للكشف عن وجود مائة ألف مقاتل ينتظرون الاشارة بالاصبع وهم المنظمين والمهيكلين وأصحاب تجربة، وأنا أقول هذا الكلام لمنع الحرب الأهلية وليس للتهديد بها، وهؤلاء جهزناهم لحماية بلدنا وكرامة وسيادة بلدنا وليس للقتال الداخلي".

وأكد "أننا نحن لسنا عاجزين ولا ضعاف وحساباتنا صح لأننا أصحاب قضية واخلاق، إذ أننا يوم الخميس تعرضنا للقتل وسكتنا ومثلها في خلدة". وطالب المسيحيين ب"الوقوف في وجه هذا القاتل والسفاح والمجرم، وذلك لتثبيت السلم الأهلي".

ثم تطرق الى التظاهرة التي قررت حركة أمل وحزب الله القيام بها الى قصر العدل، ملمحا الى "حصول تظاهرات منذ سنتين، وبالتالي لماذا ممنوع علينا؟". وأوضح "كيفية التفاهم حول المسيرة وشعاراتها والهتاف الذي سيقال فيها، ومنع حمل السلاح، وأبلغنا الدولة أن سقف التظاهرة مدة ساعة، ولكن عند وصول آخر مجموعة بدأ تساقط شهداء وكانوا من حركة أمل"، مشيرا الى "صدقية بيان الجيش اللبناني الأول"، مفسرا أن "في ما حصل هناك جزأين: الأول يتعلق بقتل الناس، والثاني بردة الفعل من البعض باطلاقهم الرصاص على مبان كان فيها قناصة".

وشدد نصرالله على "التحقيق السريع والشفاف لأننا نريد محاسبة المسؤولين عن قتل الناس". وحول الفيديو الذي يظهر جنديا من الجيش يطلق الرصاص، لفت الى "بيان الجيش عن التحقيق مع هذا الجندي"، داعيا "قيادة الجيش اللبناني الى التشدد في المحاسبة والكشف عما فعله هذا الجندي". وذكر أن "الجيش اللبناني اطلق علينا الرصاص يوم 13 ايلول 1993، وكذلك في حي السلم وغيرها، ومع ذلك نحن حريصون على الجيش اللبناني لأنه الضمانة الوحيدة لوحدة لبنان. ووحدة لبنان مرهونة بوحدة مؤسسة الجيش اللبناني".