في زمن تتسابق فيه المشاورات الدبلوماسية بين الدول الكبرى، لا يبدو حتى الساعة ان الكلمة النهائية ستكون للحلول السلمية. ما يُحكى في الإعلام لا يشبه ما يدور في الأروقة الدبلوماسيّة. وفي ظلّ استمرار المفاوضات بين الصين والولايات المتحدة، يبدو ان تعنّت الصين من جهة والجبروت العسكري للولايات المتحدة في تناحر لم يظهر الا جزء منه للرأي العام. فلنبدأ من آخر المستجدّات العسكرية التي صرّح عنها مسؤول اميركي رفيع المستوى قائلاً: "تايوان هي مشكلة الولايات المتحدة والعالم الإقتصادي الحرّ. فمن يمتلك هذه الجزيرة يملك الإقتصاد العالمي".

وشرح مصدر أميركي عن إصرار الصين على امتلاك هذه الجزيرة التي تؤمّن لها دخول ​النفط​ ومشتقاته من كافة الدول المصدّرة مثل إيران وروسيا وقطر والسعودية ومعادن أفغانستان التي لا مثيل لها في العالم، وغيرهم... وبفضل تايوان أصحبت الصين دولة اقتصاديّة جبّارة تشكل خطراً على اقتصاد اوروبا الحرّ والسلطة الإقتصاديّة الأميركيّة. فبعد انهيار اقتصادها بسبب ​جائحة كورونا​ تبحث الولايات المتّحدة اليوم عن مخرج يريحها من الأزمة ويؤمن لها استمرارية سلطنتها على اقتصاد العالم، وأول خطوة هي قطع رأس التنين الذي يطوّقها من جهة كوريا الشمالية التي هي بدورها تهدد أمن العالم، حسب ما ترى أميركا.

عشرون صاروخاً صينياً ذات رؤووس نووية كانوا على استعداد للانطلاق باتجاه تايوان لغزوها، هي كافية لإشعال حرب طابعها نووي، بحسب المصدر الأميركي، لكن الرئيس الصيني ​شي جين بينغ​ تنبّه في اللحظة الأخيرة، غيّر من خطابه يوم، فأعلن عن انه سيمتلك تايوان بالطرق السلميّة وليس بالقوة.

هدأ الوضع بين الجبّارين، لكن التزامات الولايات المتحدة في دول العالم لها معضلات يصعب حلّها في ظل أزمة اقتصادية خانقة لم تشهدها اميركا في تاريخها الحديث. ويتابع المصدر شارحاً عن"ان الوضع الإقتصادي مأزوم جداً، أكثر مما يتخيّله البعض". ومن قرأ التاريخ، وجد أنّ اندلاع الحروب كان سببها الإنهيار المالي والإقتصادي. فهل تصدق توقعات المراقبين بحربٍ واسعة تبدأ ولا تنتهي الا بخسائر جسيمة لكل الأطراف؟.

أزمة واحدة يتفق على مواجهتها العالم اليوم هي التغيير المناخي الذي يُنذر بالقضاء على مئات الملايين من البشر. واكبر دليل على اهتمام الدول هو التهافت على المشاركة في قمة COP26التي ستُعقد في غلاسكو-اسكتلندا في 30 من الجاري لغاية 12 تشرين الثاني من الشهر المقبل، الأمر الذي أّدى الى إقفال باب بطاقات المشاركة الدوليّة قبل ثلاثة أسابيع من الموعد المحدد سابقاً. وتعمل ​الأمم المتحدة​ للإضاءة على مخاطر التغيير المناخي مع فرق وخبراء حول العالم.

قاسم واحد مشترك يشغل هموم القادة في العالم هو المجاعة، لأنّه يواجه زيادة هائلة في معدلات الجوع التي تغذّيها أزمة المناخ. أكثر من189 مليون شخص هم اليوم في قبضة الجوع. من مدغشقر وهندوراس وهايتي وتيغراي في أثيوبيا، مروراً بأفغانستان واليمن وسوريا وجنوب السودان، وصولاً الى لبنان، للأسف، الذي أُدرج على لائحة الدول المعوَزة والفقيرة... ناهيكم عن العمل الجاري لحماية ملايين الأشخاص في مالي وموريتانيا وبوركينا فاسو وزيمبابوي وغامبيا من أحداث الجفاف الكارثيّة من خلال ​التأمين​ ضد مخاطر المناخ.

كله هذا غيض من فيض أزمة ​المياه​ العالميّة التي تهدّد مئات ملايين البشر، وهي على ابواب العقد الثالث من القرن الحالي، تدخل اليه بأزمات عالمية تهدّد البشرية جمعاء، وما يهمّ القارئ هنا هو السؤال عن مستقبل لبنان في ظلّ التحدّيات المقبلة. قادته مختلفون على شكل الإنتخابات وكل ما يجري يصبّ في هذا الإطار... وشعبه يلتهي في مصدر بواخر الطاقة، ولم تعلّمه التجارب أنّ السيادة والحريّة لن يأتيا إلا من من "مِعوَل" فلاّح وسدّ مياه، إضافة الى القليل من السياحة لأنهم من مقوّمات بلد رائع على شاطئ المتوسط، أرهقته التدخّلات الخارجيّة التي لن يأتي منها بعد اليوم سوى مساعدات غذائيّة و​لقاحات​.