عندما ردت محكمة الإستئناف شكلاً في 4 تشرين الأول الفائت دعاوى الرد التي قدمها الوزراء السابقون ​غازي زعيتر​ و​علي حسن خليل​ و​نهاد المشنوق​ بحق المحقق العدلي في جريمة إنفجار ​مرفأ بيروت​ ​القاضي طارق البيطار​، صدرت القرارات بالإجماع عن الغرفة الثانية عشرة برئاسة القاضي نسيب ايليا وعضوية المستشارتين القاضيتين روزين حجيلي وميريام شمس الدين. يومها، عللت الغرفة الثانية عشرة، وهي المكلفة البتّ بدعاوى رد القضاة، قراراتها بعدم الإختصاص النوعي.

بعد شهر على القرارات المذكورة أعلاه، وتحديداً في 4 تشرين الثاني، سجلت لدى الغرفة الثانية عشرة في محكمة إستئناف بيروت دعوى رد جديدة بحق البيطار تقدم بها هذه المرة وزير الأشغال السابق ​يوسف فنيانوس​.

الفارق الوحيد بين دعاوى تشرين الأول ودعوى تشرين الثاني، هو تغيير رئيس الغرفة الثانية عشرة في محكمة الإستئناف. فبدلاً من القاضي ايليا الذي قدم بحقه وكيل فنيانوس المحامي أنطوني فرنجية دعوى رد، إنتدب الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف المدنية القاضي حبيب رزق الله عضو ​مجلس القضاء الأعلى​ القاضي حبيب مزهر لرئاسة الغرفة الثانية عشرة.

ولمن يتابع ملف تحقيقات المرفأ، يعرف جيداً أن تغييراً كهذا على صعيد رئاسة المحكمة قد يجعل مخطط "قبع" البيطار الذي عبّر عنه الوزير ​محمد مرتضى​ على طاولة مجلس الوزراء وبإسم ​حزب الله​ و​حركة أمل​، قريباً جداً من دائرة التنفيذ، لماذا؟ لأن القاضي مزهر معروف بقربه من الثنائي الشيعي، ولأن إجتماعات مجلس القضاء الأعلى الأخيرة التي عقدت للبحث بملف البيطار، لا تزال شاهدةً على مواقفه الرافضة لبقاء المحقق العدلي في منصبه.

ولكن هل يمكن للمستشارتين حجيلي وشمس الدين الموافقة هذه المرة على رد البيطار على رغم مشاركتهما سابقاً الرئيس ايليا بقرارات رد دعاوى رد البيطار شكلاً ولعدم الإختصاص النوعي؟.

لو كانت قرارات محكمة الإستئناف التي إتخذتها غرفة ايليا-حجيلي-شمس الدين سابقاً بملف البيطار بالأساس لا بالشكل فقط، أي بمعنى آخر، لو نظرت المحكمة بمضمون الدعاوى ومدى مطابقتها للقوانين، كان يمكن للجواب على السؤال أن يكون نعم، وكان يمكن للقاضيتين حجيلي وشمس الدين أن تصوتا مع القاضي مزهر على رد القاضي البيطار، ولكن، بما أن قرار المستشارتين صدر سابقاً وبأكثر من دعوى، برد دعوى رد البيطار شكلاً، يصبح من شبه المستحيل قانوناً التصويت بعكس القرار السابق خصوصاً عندما نتحدث عن سبب عدم الإختصاص النوعي.

لكل ما تقدم، يمكن القول إن مصير القاضي طارق البيطار مع ما يمثله من رأي عام مؤيد له، أصبح بين أيادي الرئيستين ميريام شمس الدين وروزين حجيلي، فإما أن يصدقّا قراراتهما السابقة من خلال التصويت على رد الدعوى شكلاً، عندها لن يقدم او يؤخر صوت القاضي مزهر، وإما أن يتراجعا عن تصويتهما السابق ويشاركا بـ"قبع" البيطار من منصبه، وإذا قررتا التخلص من كرة النار هذه، قد يكون خيارهما الثالث التنحي، عندها يصبح السؤال، على من سيقع إختيار الرئيس الأول لمحكمة الإستئناف؟.

في المحصلة، دعوى الرد هذه المرة مختلفة تماماً عن كل الدعاوى التي قدمت بحق البيطار، فهل يكمل القاضي مزهر ما بدأه الوزير مرتضى على طاولة مجلس الوزراء؟.