اكد رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، ان "​لبنان​ يحتاج في هذه المرحلة الى ان يكون جناحا العدالة، أي ​القضاة​ والمحامين، سدا منيعا في وجه ​الفساد​ والتدخلات السياسية التي تحجب الحقائق وتعرقل وصول الحقوق الى أصحابها". ولفت الرئيس عون الى دور ​القضاء​ والقوى العسكرية والأمنية في حفظ العدالة والامن والاستقرار في البلاد، "واي خلل في عمل المؤسستين القضائية والأمنية، ينعكس سلبا على حقوق المواطنين وسلامة الوطن". ولفت الرئيس عون الى ان القضاء في لبنان ليس بخير، " وعلى الجميع العمل من اجل حمايته ومنع الضغوط على القضاة"، لافتا الى انه دعاهم مرارا الى التصرف بما يرضي ضميرهم والقانون وعدم الرد على أي مداخلات من أي جهة أتت لاسيما وان رئيس الجمهورية يشكل السقف الفولاذي لحمايتهم.

كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، نقيب المحامين الجديد في بيروت ​ناضر كسبار​ مع أعضاء مجلس النقابة، والنقيب السابق أنطونيو الهاشم، بعد الانتخابات التي تمت أخيرا لمجلس النقابة، حيث هنأ الرئيس عون النقيب كسبار وأعضاء المجلس متمنيا لهم التوفيق في مسؤولياتهم النقابية الجديدة.

والقى النقيب كسبار كلمة قال فيها: "فخامة الرئيس، شكراً على دعوتكم الكريمة إلى هذا القصر الذي سمي، منذ سكنتموه حضرتكم في أواخر الثمانينات، بقصر الشعب، وهي من أجمل التسميات التي يمكن أن تطلق على مسكن مسؤول عن مصير شعب"، موضحاً أنه "لعلني لا أفاجئكم إن قلت لكم أن المحامين والقضاة والعدالة ليسوا بخير، والشعب ليس بخير، والوطن ليس بخير. فما أصابنا ويصيبنا كل يوم هو أشبه برواية من العهد القديم من الانجيل المقدس، أو بتراجيديا اغريقية لا تنتهي فصولاً. وإننا نشعر بأننا على متن سفينة تغرق وتتقاذفها الرياح من كل حدب وصوب، بينما تتلهى القوى والأطراف السياسية بجدل بيزنطي لا أفق له ولا منفعة. فماذا يبرر، في بلد يغرق تحت وطأة ثالث أكبر أزمة اقتصادية منذ أواسط القرن التاسع عشر، ألا تكون الحكومة ومجلس النواب وجميع السلطات في حالة استنفار دائم، تعقد الجلسة تلو الأخرى لاجتراح الحلول؟ يدمى القلب لهذا الاستهتار بمصير شعب كامل، وقد أضحت سياسات التعطيل المعتمدة من قبل مختلف الأطراف السياسية مرادفة لسياسات التفقير والتجويع والتهجير".

وأشار إلى أن "المشهد لسوداوي فعلاَ، لدرجة أننا نحتار من أين نبدأ. فأموال النقابة محتجزة، القضاء يعاني الأمرين، دوائر الدولة مشلولة وخصوصاً في قصور العدل نتيجة إضراب الموظفين، والحركة الاقتصادية شبه معدومة. وهذا كله يصيب مهنة المحاماة في الصميم. وإن مجلس النقابة الجديد الحاضر أمامكم سيعطي اهتماماً خاصاً لمسألة أتعاب المحامين للحد من هجرتهم. ونطلب في هذا المجال دعم فخامتكم لمشروع سنطرحه على السلطتين التشريعية والتنفيذية والقاضي بإلغاء أو أقله تعليق تطبيق الضريبة على القيمة المضافة (TVA)على أتعاب المحامين أسوة بمهن حرة أخرى، حتى يتمكن المحامون من الصمود والإبقاء على مكاتبهم مفتوحة".

وأكد كسبار، أنه "بالإضافة إلى ذلك، فإن مجلس النقابة، ورغم إعطائه الأولوية لشؤون المحامين وهمومهم، لن يتخلى عن دوره الوطني وسيبقى في طليعة المدافعين عن لبنان وحقوق اللبنانيين. المواضيع الجوهرية كثيرة في هذا المجال، وأود التشديد أمامكم على ثلاث نقاط ستكون في صلب أولوياتنا في المرحلة المقبلة:أولاً، مسألة استقلالية القضاء. لا خلاص للبنان من دون تكريس تام لاستقلالية القضاء، أولا عبر الإقرار الفوري للقانون المناسب في مجلس النواب، وثانياً عبر رفع يد السياسيين جميعاً عن القضاء والسماح لقضاتنا الأكفاء من ممارسة مهماتهم وفق ما يمليه عليهم ضميرهم فقط. ونأمل ألا يراهنن أحد على أي خلاف بين القضاة والمحامين في هذا المجال. فنحن واحد، ومجلس النقابة ومجلس القضاء الأعلى واحد، عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن استقلالية القضاء وحسن تطبيق العدالة".

وأوضح أنه "ثانياً، إن الشعب اللبناني، كما تعلمون فخامتكم، قد تعرض لأكبر عملية سرقة منظمة لودائعه في المصارف مما أدى إلى إفقاره وتهجيره. أمام هذا الحال، لن تقف نقابة المحامين مكتوفة الأيدي، ولن ندع حقوق المودعين لقمة سائغة لمنظومة سياسية مالية أمعنت فشلاً وفساداً منذ أكثر من عقد من الزمن. ستكون النقابة صوت المودعين وخط الدفاع الأول عنهم، ونحن بصدد تشكيل لجنة تضم محامين واقتصاديين متخصصين لمتابعة ودراسة القوانين والخطوات اللازمة لحماية حقوق المودعين كاملةً، ونأمل دعمكم في هذا المجال"، مشدداً على أنه "أخيراً، لا حل لأزماتنا السياسية المتلاحقة من دون العودة إلى الدستور وتطبيق القوانين المرعية، وبخاصة من دون تجديد حياتنا الديمقراطية. إن الانتخابات النيابية المقبلة جوهرية وأساسية في هذا المجال، ولا يجوز تأجيلها أو بأن تشوبها أي شائبة، وستكون النقابة حريصة على ذلك".