رأى راعي أبرشية بعلبك دير الأحمر المارونية المطران ​حنا رحمة​ أن "الأيام تعبر بسرعة في هذه الحقبة الدقيقة والغريبة والصعبة من حياتنا، فنعتبرها خسارة، ونقول أننا لم نعشها ونتمنى لو أنها لم توجد، فالضيق يحيط بعائلاتنا في كل الاتجاهات".

وتابع أنه "لقد اعتاد الأهل أن يحملوا وزر الصعوبات بمفردهم، متحلين بالصمت والإرادة الصلبة وروح الاندفاع والتضحية، كي لا ينقص أولادهم أي شيء، في حين أن هؤلاء يلعبون ويتنعمون بعيدا عن هموم ذويهم بهدوء السكينة وبهجة الطفولة. أما اليوم فلا يخفى على أحد، وبخاصة على الأطفال والمراهقين والشبيبة أن الضيق يغمر الجميع بدون تمييز وتفرقة. وعيون الأطفالِ كعيون المسنين، تنظر بغرابة باحثة عن الفرج. أما نحن أبناء الإيمان، فتبقى عيوننا شاخصة إلى أيقونة الميلاد العجيب، فنرى يسوع، ابن الله الحي، الجبار والضابط الكل، إنسانا مثلنا، مولودا من امرأة، طفلا صغيرا فقيرا، بلا مأوى وبلا طعام، كالمشردين والمهجرين والمتروكين، بعد أن أغلقت بوجهه جميع الأبواب".

وأردف: "لقد فعلها، ترك المجد ليعانق المذود الصليب، ترك عظمة سمائه، وهو الخالق القدير، ليغمر خليقته الإنسان، جبلة يديه، ويهديه شيئا من السماء. كيف لا وهو العارف بحالنا وضعفنا ومحدوديتنا".

واعتبر أنه "لو لم يتجسد ابن الله فقيرا لكان الفقر لنا ذلا وعارا، أما وقد زارنا الله وسكن بيننا في العوز والهوان والشقاء، فصار لنا الفقر حالة نعيشها بالصبر والمقاومة والرجاء، فلا يخيفنا الفقر، ولا يهدد كياننا، إذ باستطاعتنا تحويله إلى فرصة للتأمل والصلاة، ودعوة للنمو في التواضع والتجرد، موقف نتخذه في عمق كياننا فنقدر النعم التي وهبت لنا ونثمن القليل الذي لدينا، ونشاركه مع من حولنا من فقراء، وما أكثرهم، إن ما نعيشه اليوم من أزمات غشيمة متتالية يضعنا أمام مسؤولية التمييز والقرار: فإما أن نضل ونغرق في التذمر والكفر وروح الإنهزام واليأس، وإما أن نقرر أن نكبر وننضج ونعيش في محدوديتنا رحب السماء".

وختم رحمة: "نحن أبناء سيد التجسد والرجاء، لا نخاف الأزمات، بل نطوعها، وفيها نتقدس ونقاوم، وكرامتنا نستمدها من ملك المجد، إلهنا المتجسد، وهو يغنينا بغناه".