يطوي العام 2021 أيامه الأخيرة على توتر غير مسبوق بين حركتي "فتح" و"حماس" في لبنان، على خلفية حدثين وقعا في مخيم برج الشمالي في منطقة صور، الاول اندلاع حريق في مسجد "أبي بن كعب"، قضى فيه المهندس حمزة شاهين، والثاني اطلاق نار على موكب تشييعه ما أدى الى سقوط ثلاثة قتلى "محمد وليد طه، حسين محمد الأحمد وعمر محمد السهلي"، بعد إتهام "حماس" لقوات الأمن الوطني بالقتل العمد ونفي الاخيرة وتأكيدها الاستعداد لتسليم أيّ متورط.

الخلاف الثنائي لم يكن سببه ما جرى في "البرج" فقط، انما "قلوب مليانة" ونسخة مصغرة عن الخلافات المركزيّة المستفحلة بين القيادتين والتي وصلت منذ أشهر عديدة الى القطيعة وانقطاع التواصل بينهما وتجميد المضي قدما في المصالحة الوطنيّة واجراء الانتخابات وفق ما تمّ الاتفاق عليه في "حوارات القاهرة" الاخيرة رغم التوافق على استثناء الساحة الفلسطينية في لبنان نظرا لخصويتها، وأعلن الطرفان تعليق "الاطر المشتركة" بدءًا من "هيئة العمل" وصولا الى "القوة الامنية"، بانتظار تطور ما يعيد فتح قنوات التواصل مجددا، اذ يجمع عارفون بالشؤون الفلسطينية انهما في نهاية المطاف محكومين بالحوار والتوافق لحماية القضية الفلسطينية من مؤامرات تصفيتها.

ورغم الصورة القاتمة حاليا، أبلغت مصادر فلسطينية "النشرة"، ان ثمة محاولة جديدة تلوح في الافق لإعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام في الصف الفلسطيني بعدما ترك اثارا مدمرة منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، في وقت تحتاج التحديات والمخاطر التي تعترض لها القضية الفلسطينية برمتها وتحقيق تطلعات الشعب... الى الوحدة سريعا.

آخر الجهود، الحراك الذي يقوم به رئيس "هيئة النوايا الحسنة" رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري الذي عقد سلسلة لقاءات مع قيادات كل من الجبهات "القيادة العامة"، و"الشعبية" و"الديمقراطية"، و"الجهاد الإسلامي"، و"قوات الصاعقة"، حيث قدم مسودة مشروع لإنهاء الانقسام.

ويؤكد عضو المكتب السياسي لـ"القيادة العامة" ومسؤولها في لبنان سابقا رامز مصطفى "أبو عماد"، ان نقاشات مستفيضة ومثمرة، جرت خلال الاجتماعات وتوصلت قيادات الفصائل والمصري إلى صياغة ورقة عنونت بإسم "ورقة فلسطينية لإنهاء الانقسام وحماية المشروع الوطني"، والتي تضمنت مجموعة من القضايا، حيث خلُصت إلى ضرورة الدعوة إلى حوار شامل بمشاركة جميع الفصائل والقوى الفلسطينية وشخصيات وطنية من الداخل والشتات بهدف بناء إستراتيجية نضالية وبرنامج سياسي يلبي طموحات شعبنا، بالإضافة إلى تقييم كافة الاتفاقيات السابقة، وأسباب فشلها، بما يحقق الخروج ببرنامج واضح لإنهاء الانقسام والتحضير لعقد اجتماع وطني شامل في سياق الجهود الرامية لإعادة بناء "منظمة التحرير الفلسطينية".

وأوضح ان الفصائل و"هيئة النوايا الحسنة"، وجهت رسالتين، الأولى للرئيس الفلسطيني محمود عباس بوصفه رئيسا لحركة "فتح" والثانية لرئيس حركة "حماس" إسماعيل هنية. تضعهما في صورة ما تضمنته الورقة الفلسطينية لجهة إنهاء الانقسام وحماية المشروع الوطني، مما يستدعي الإسراع بالدعوة إلى عقد الاجتماع الوطني الشامل، من خلفية أن حركتي "حماس" و"فتح" هما الطرفان الأساسيان في الانقسام، وعليهما مسؤولية وطنية لإنهاء ذلك الانقسام البغيض الذي يجثم على صدر أبناء شعبنا في داخل الوطن والشتات.

وقد انضم للتوقيع على الرسالتين كل من المبادرة الوطنية وحزب الشعب والاتحاد الديمقراطي (فدا)، وهذا من شأنه أن يؤسس أولاً، إلى توسيع مشاركة عدد آخر من الفصائل والقوى والنخب وثانياً، أن تطفو على سطح المشهد الفلسطيني ولو بشكل تدريجي "القوة الثالثة" من خارج حركتي "فتح" و"حماس"، لتشكل عاملاً ضاغطًا بالمعنى الإيجابي للإسراع في عقد الاجتماع الوطني المنشود، بما يحقق مواكبةً جدية لتلك الحراكات الناهضة في مقاومة اسرائيل. ويخرج المشهد الفلسطيني من نفق الانقسام المظلم، ويعزز القدرة لدى تلك القوى على توسيع رقعة الرافضين لسياق الانقسام على المستوى الفصائلي والجماهيري والشعبي، في الضغط لتحقيق المصالحة وإعادة بناء مؤسسات "منظمة التحرير الفلسطينية"، وحماية المشروع الوطني من خارج برنامج اتفاقات "أوسلو" ومترتباتها.

وفي لبنان، علمت "النشرة"، ان اطرافا لبنانية أمنية وسياسية ولا سيما حركة "أمل" و"حزب الله" دخلا على خط التهدئة بين "فتح" و"حماس" على خلفية احداث البرج، بعد التوافق على قيام الاجهزة القضائية والامنية الرسمية بالتحقيق بما جرى وصولا الى كشف الحقيقة، بعدما بلغ التراشق الاعلامي وتبادل الاتهامات بين الطرفين ذروته، وخاصة على "مواقع التواصل الاجتماعي" بعد البيانات الرسمية، والعمل جار على وقفها تمهيدا لتنفيس الاحتقان الشعبي في المخيمات وقطع الطريق على اي توتير قد يؤدي الى ما لا يحمد عقباه وسط المخاوف من دخول طابور خامس" لايقاع الفتنة في اي وقت.