في بداية هذه السنة وبعد كل العواصف التي تعرض لها الوطن، اردت أن اتوجه الى ال​لبنان​يين جميعا لأن البعض سينتقدني والآخر سيؤيدني، لكن ليس هناك إلا الحقيقة الّتي وحدها تبني الأوطان. فالمهم هو الإلتزام بمبادئ الدولة بكل مفاصلها. بعد ذلك نتكلم عن حقوق الأفراد وليس المجموعات. هل في استطاعتنا معرفة من يعطل الدولة الآن وتحت أي ستار أو شعار؟!. وهل هناك من فصل للسلطات في لبنان؟!. اذا كان أي مساءلة حول موضوع قاضٍ فالأكيد أن الهرميّة القضائية مسؤولة، وما هو غير ذلك يُعتبر تدخلا من قبل السلطة السياسية. فالقاضي يعيّن بالإشتراك بين السلطتين، لكن ولاءه يكون للسلطة التي ينتمي إليها أيّ القضائيّة. اضافة الى ذلك، لا يوجد حصريّة لأيّ طائفة في المناصب الوزاريّة بل ​المناصفة​ والاحترام لحقوق جميع الطوائف. فهل باستطاعتنا معرفة من عطّل تأليف الحكومات لمرات عدّة من أجل حصريّة ​وزارة المال​ للطائفة الشيعيّة الكريمة، وكأنّه لا يوجد أيّ شخصيّة في لبنان لها إلمام بالمال العام إلا طائفة واحدة؟!. ولماذا لم تطبّق في السابق أيّام بقيّة العهود وارادوها مع الرئيس العماد ​ميشال عون​؟ ولماذا التأخير في عمليّة ​التدقيق الجنائي​ ومن يدعم المعطلين؟! ألا يسمّى هذا الأمر وضع العصي في دواليب بناء الدولة الحديثة المدنية العلمانيّة؟.

أقول كفى اتهامات ومهاترات ومهاجمة اللامركزية الإدارية والمالية، لأنّ الموضوع يخفي ما وراء الأكَمة السيطرة والإستئثار. فاللامركزية تشجّع المنافسة وتعطي الشعب قوّة أكبر لمحاسبة ممثليهم ومساءلتهم عن الأموال التي دفعوها، وليس كما هو الوضع الراهن، الذي يغذي الفئويّة والتشبيح من منطقة على حساب اخرى. فبدل أن يقوم الممثلون بتشجيع الإستثمارات في مناطقهم يحثّونهم على ​الطائفية​ بدل المنافسة. والجميع يعرف أنّ اللامركزية تطمئن المواطن على حسن صرف امواله في المنطقة التي يعيش فيها وتقتطع كميّة لمساعدة المناطق الأكثر حرمانا. هكذا تذهب الأموال الى الشعب وليس الى جيوب الزعماء الذين يشجّعون على الفوضى لتغطية سرقاتهم، وبث الطائفية بدل روح المنافسة البناءة.

أما لجهة الإستراجية الدفاعيّة فهي للإتفاق بين الجميع على خطّة دفاعيّة خارجيّة وامنيّة داخليّة بدل تفلّت السلاح حاليا الذي يمثّل بحد ذاته الكونفدراليّة الّذي ينتقدها البعض وهو من يطبقها على الساحة الداخليّة. أيّها اللبنانيّون، ستقوم اصوات على التواصل الإجتماعي منتقدة كلامي بالقول لقد كنت نائبا، لماذا لم نسمع هذا الكلام؟ وأن أجاوب أنّني كنت اقوله على الملأ تحت قبّة البرلمان لأنه المكان الصالح لذلك، وحفاظا على ​السلم الأهلي​، ولكن اليوم بعد التفلّت الحاصل على جميع الأصعدة، وبعد انهيار الدولة اصبح من واجب كل لبناني التشدّد أكثر فأكثر على قول الحقيقة التي وحدها تبني الأوطان. إذ لا يمكن أن نبني وطنًا بالتكاذب والإتهامات، خصوصا بعد أن ارى شعبي يذلّ على ابواب ​المستشفيات​ و​المصارف​ ومحطّات ​الوقود​ والمدارس والسفارات بحثا عن هويّة تؤمّن لهم الكرامة اولا!.

إلى اخر المطاف، الحقيقة والمصارحة هي وحدها تخلص لبنان. من يتقاعس عن الإجتماع من أجل الحوار هو المسؤول عن إنهيار الدولة!.

من يعطّل أعمال مجلس الوزراء هو المسؤول عن تعطيل الدولة!.

وللنواب الكرام اقول انتفضوا أولا لكراماتكم التي هي من كرامة شعبكم، ولقد قلتها في السابق لأعلى سلطة في الدولة، وأعود واكررها الآن، كفّوا عن شمّاعة الإتهامات بالعمالة لأنّ ما يحصل الآن هو العمالة بحد ذاتها.